على أننا حين نعرض لتاريخ الديمقراطية الحديث لابد من أن نعترف بأن بريطانيا تعتبر أعرق الأمم الديمقراطية الحديثة، فقد سعى الشعب البريطاني إلى تقييد سلطة ملوكه وحكامه منذ بدء العصور الوسطى، فقد كان الأشراف يحكمون الولايات والمقاطعات وكانت هناك مجالس نيابية بدائية في القرى والمقاطعات وقد تطورت هذه المجالس ونشأ منها مجلس بمثل الشعب البريطاني ويعرف بمجلس العقلاء
وقد حدث بعد هذا أن دخلت بريطانيا في الديانة المسيحية الكاثوليكية وسرعان ما قام نضال بين الملوك والكنيسة حول الاستئثار بالسلطة مما اضطر الملوك إلى الاستعانة بالأشراف لمقاومة نفوذ الكنيسة وبدأ بذلك قيام العهد الإقطاعي في إنجلترا.
الفتح النورماندي
في عام ١٠٦٦ غزا وليم الفاتح دوق نرمنديا في فرنسا إنجلترا وهزم ملكها (هارولد) في موقعة (هستنجس) وأصبح ملكاً لإنجلترا. وقد أراد وليم أن يقضي على سلطة الأشراف فجمع الفلاحين وحلفوا له يمين الولاء والطاعة ولكن الملوك الذين جاءوا بعده كانوا ضعافاً. وكان الملك جون (يوحنا) ملكاً ضعيفاً ميالاً إلى الظلم والغدر فقد أملاكه في فرنسا فثار عليه الشعب وخاصة الأشراف ورجال الدين وأرغموه على أن يوقع (البعد الأعظم) ١٢١٥ وأهم الحقوق التي اكتسبها الشعب بمقتضى هذا العهد:
١: لا يجوز للملك أن يقبض على شخص أو أن يسجنه أو ينفيه أو يصادر أملاكه أو يحرمه من حقوقه إلا إذا حوكم أمام محكمة مؤلفة من نظرائه. وفي هذا تحديد لسلطة الملك وبدء قيام نظام المحلفين.
٢: لا يجوز للملك فرض ضرائب جديدة بدون موافقة البرلمان وفي هذا تحديد لسلطة الملك التشريعية.
٣: ليس الملك أن يعبث بالعدالة فينكر حق فرد أو يؤخره على أن نصوص العهد الأعظم لم تكن واضحة حلية ولذلك اختلف الملك والشعب في تفسرها وحاول كل منهم أن يفسرها لمصلحته هذه الوثيقة تعتبر أساس حرية الشعب البريطاني
وجدير بي أن أذكر بهذه المناسبة أن الدستور البريطاني دستور غير مكتوب، وأنهعبارة