ولكنه يقاوم ويقوى ويعمل على رهق. . ومثل هذا جدير بأن يزل وأن يكثر منه هذا الزلل. وميزان العمل جدير بأن يختل، وأن يطول به هذا الاختلاف. . وحقيق بوكيل الأزهر مادام يدير دولاب العمل وحده أن ينصرف عن النظر في مستقبل الأزهر، إلى النظر في التوافه والسفاسف التي تملأ الوقت ولا تؤتي الثمر.
نظر مجلس التعليم في أمر المرحلة الأولى فجعلها نوعاً واحداً قائماً على دراسة ست سنوات سماها التعليم الابتدائي، منها اثنتان لرياض الأطفال. وأباح - بقرار من الوزير - إنشاء فرق لتحفيظ القرآن الكريم تمهيداً لمن شاء أن يتم دراسته في المعاهد الدينية، ثم قسم التعليم الثانوي إلى علمي وتجاري وزراعي وصناعي، وجعلها كلها إمداداً للكليات في الجامعات.
فما موقف الأزهر من هذا التنظيم؟ أيبقى على القسم الابتدائي فيه، وكيف ينسق هذا القسم مع الابتدائي العام، أيكون بعده، فيقضي التلميذ ست سنوات في الابتدائي العام ثم يتقدم للقسم الابتدائي في الأزهر؟. إننا إذا اتبعنا هذا فسوف نجد ابتدائي الأزهر خاوياً لا ينظر إليه أحد، لأن أحداً لا يضيع على نفسه ست سنوات كاملات لا لشيء إلا ليدرس في الأزهر. وما الدارسة في الأزهر بممتازة شيئاً، ولا بمعادلة في نظر الكثرة من الأمة للدراسة في المدارس أيا كان شكلها. إذا فنحن مضطرون إلى إلغاء هذا القسم، ولكن كيف ينظم هذا الإلغاء، وإلى أين يذهب هؤلاء المدرسون؟ هذا يحتاج - من غير شك - إلى مباحثة وزارة المعارف والاتفاق معها على هذه التصفية، ولندع الآن أمر هذه التصفية وطرقها، ونستقيم في طريقنا الذي نعرض فيه موقف الأزهر من التعليم العام.
إذا ألغى القسم الابتدائي من الأزهر بقي القسم الثانوي نهراً لا يرفده رافد. فالتلميذ الحاصل على الشهادة الابتدائية لا يستطيع أن بشق طريقه في القسم الثانوي بالأزهر. ثم هو راغب عن هذا الطريق لأن أمامه طرقاً كثيرة أيسر يسراً، وأوضح قصداً، وأربح غاية. والنظر اليوم للحياة نظرة تسليح الطالب والغلاب، ولاشك أن كليات الجامعة في هذه الناحية تسلح الطالب للحياة أكثر مما تسلحه كليات الأزهر، وقد كان كيان الأزهر قائماً على شيئين: القداسة والفقر. فأما الفقر فقد كان عاملاً مهما في انصراف الناس عن المدارس إلى الأزهر. فقد كان للمدرسة منذ عشر سنوات مضت مظاهرها ومصاريفها للكتب وللتعليم