وللحفلات. أما اليوم فالكتب بالمجان والتعليم بالمجان ووجبة الغداء بالمجان، فأي مدعاة بعد انقضاض هاتين الدعامتين تدعوا أمراً إلى أن يدفع بابنه إلى التعليم الأزهري؟ لقد رأينا الأساتذة من مدرسي الأزهر حينما يوسرون بعض اليسار يعرضون عن الأزهر إعراضاً، ويسلكون أبناءهم في التعليم المدني إيثاراً له، وإدراكاً منهم أن الدولة تنظر إلى التعليم في الجامعة نظرة أعلى من نظرتها للتعليم في الأزهر. وأن الحياة تطلب النوع الأول ألحف من طلبها للنوع الآخر. . فإذا أنحينا على القسم الثانوي بلا سلم، وهو بعد بعيد كل البعد عن كل نوع من أنواع الإغراء. فالدراسة فيه ليست سهلة ممهدة. ونتيجتها ليست زاهرة باهرة محببة.
إذن فكل ظواهر المنطق تؤذن بأن الأزهر مقضي عليه لا محالة. ومخدوع من مخدوعين ذلك الذي يزعم أن النزعة الدينية في الأمة يمكن الاعتماد عليها في الإبقاء على الأزهر وحفظ كيانه فإن التيار العام أقوى وأعتى من أن يتصدى له أفراد شذاذ من سوقة الأمة ورعاعها. ومخدوع كذلك من يعتمد على وزارة المعارف في توجيه طائفة من أبناء الأمة للتعليم في الأزهر، فوزارة المعارف في توجيه طائفة من أبناء الأمة للتعليم في الأزهر، فوزارة المعارف لا تملك هذا التوجية، ولو ملكته لوجب ألا تلجأ إليه، فما لم يكن للأزهر في نفسه من المحببات فيه ما يقيمه ويدفع قلوب الناس إليه راغبين، فعليه العفاء. ونحن لا نملك أن نوجه لوماً إلى وزارة المعارف فيما يسرت من أمور التعليم واحترمت من رغبات المتعلمين، وإن عاد ذلك على الأزهر بالضمور والاضمحلال؛ فإن حجتها في ذلك أبهر وأظهر من أن يدل عليها. وكيف نطلب الحماية للأزهر من التعليم العام إلا إذا كان الأزهر نفسه لم يستطع أن يثبت صلاحيته ويقوم على قدميه، فإذا كان هذا حالة فلتذهب به الرياح ليبقى الأصلح والأنجع، وخلا المعارف ذم.
ولكن ينبغي أن نضع في حسابنا أمرين قبل أن نحكم على الأزهر بالإعدام. أول لكليات الجامعة أن تقوم بها؟ الجواب. لا. ثم نتساءل: هل هذه الدراسة مفيدة في ذاتها، مطلوبة لصيانة الأمة الإسلامية. ولو فكرنا من ناحية حفظ تراث إن لم نحتجه اليوم فربما احتجناه غداً، وإن غطى الزمن على بهارة نوره فترة، فربما كشف عنها في مقبل منه قريب أو بعيد؟ الجواب نعم: وما دام الأمر كذلك فيجب أن يبقي الأزهر. ويجب أن يفهم المسئولون