كان أول سؤال وجهته إلى معالي الدكتور طه حسين باشا ما يلي:
أنت وزير المعارف، وأنت - قبل هذا ومع هذا وبعد هذا - عميد الأدب والأدباء. وقد رأت البلاد أعمالكم المجيدة في نشر التعليم، والأمل أن يظفر الأدب والثقافة العامة من الدولة على يديكم بمثل ذلك، فماذا أعددتم في هذا السبيل؟
قال معاليه: الواقع أن تيسير التعليم ونشره وما فيهما من مصاعب يجب قهرها ومن عقبات يحب تذليلها - كل ذلك قد استغرق وقتي وجهدي وتفكيري، حتى نسيت أو كدت أنسى أن بيني وبين الأدب صلة، ونسيت أو كدت أنسى أن للأدب على حقوقا يجب أن تؤدي. ولا أرى إلا أن سؤالك هذا سيضطرني إلى أن أحاسب نفسي وإلى أن أجعل الحساب عسيراً. وأنا الآن والآن فقط أسأل نفسي ماذا يجب على أن أفعل للأدب والأدباء، وأحسبني أؤدي لهم خدمة خطيرة مادمت أنشر التعليم فأعد للأدب والأدباء قراء قد يكون لهم أثر في نشر الأدب أولاً، وفي توجيهه ثانياً، وفي إشعار الأدباء بأنهم لا يكتبون لأنفسهم وحدها ولا يكتبون لنظرائهم من الأدباء والمتأدبين فحسب، وإنما يكتبون لشعب يقرأ قراءة مباشرة، وأظن أن هذا ليس قليلاً. ودعني الآن أسألك أنت: ماذا تحب أن أصنع للأدب والأدباء أثناء نهوضي بأعباء الوزارة؟
مظاهر النشاط الأدبي:
قلت: يمكن القول - على وجه الإجمال - بأن النشاط الأدبي الذي تتطلبه البلاد يتمثل في ثلاثة أمور:(١) خدمة التراث بإحيائه وتنميته (٢) والأخذ من الآداب الأجنبية (٣) ثم الإضافة الذاتية. فالأمران الأولان يحتاجان إلى الإدارات الحكومة القادرة على العمل المنتج. ويتطلب الأمر الثالث، وهو الإضافة الذاتية، تشجيع الأدباء وإثابة جهودهم إثابة لا يحققها لهم الجمهور الحالي.
إحياء التراث:
قال معاليه: أما إحياء التراث القديم فإن جهودا كثيرة تبذل فيه، فإدارة الثقافة العامة مستعدة