المصلحة القومية بنشره ولا يدخل في عداد ذلك طبعاً التقارير السرية وما شابهها من المراسلات الدقيقة الخاصة
ومن أمثلة الحاجة الماسة إلى هذا النوع من توصيات السياسة الخارجية ما اختبره كاتب هذه السطور منذ بضعة أشهر وقد حدثني مؤخراً عربي مسئول يقوم بعمل سياسي هام في منطقة حساسة على حدود إسرائيل بأنه كان منذ عامين أو أكثر يتلهف للحصول على معلومات عن بعض حقائق الوضع السياسي والاقتصادي والعسكري اليهودي كما يعكسها الرأي العام اليهودي في إسرائيل والخارج مما ينشر في عشرات بل مئات النشرات والدراسات التي تصدر بالعبرية واللغات الأجنبية في إسرائيل وفي أمريكا وبريطانيا؟. قال لي ذلك وهو عالم بأن اليهود يحصلون على جميع الصحف والمجلات والكتب العربية والإنتاج الفكري العربي - بوسائلهم الخاصة وهي وسائل هينة - ويستعملونها في دقة ومهارة لتوجيه مكرهم السياسي في هيئة الأمم وفي لجان الهدنة العسكرية وفي أعمالهم الجاسوسية في صميم البلدان العربية، وفي توجيه إذاعتهم العربية من راديو تل أبيب وفي بنهم للدعاية في دخيلة سواء عن طريق المراسلين الأجانب الذين يتخذون إسرائيل مركزاً لهم؛ أم عن طريق (مكاتب الدعاية اليهودية) في نيويورك وواشنطون ولندن ونيودلهي وكثير من عواصم العالم.
جرى هذا الحديث بيني وبين ذلك العربي المسؤول في نيويورك فما كان منا إلا أن اتفقنا بضعة أيام استطعنا خلالها أن نجمع بصورة شرعية لا غبار عليها مئات من النشرات والكتب والصحف والتقارير عن إسرائيل باللغة العبرية والإنجليزية والفرنسية من بعض المكتبات التجارية في نيويورك وواشنطون ومن مكاتب الدعاية اليهودية نفسها في هذا القسم من العالم
وبعض هذه المواد يباع علنا وبعضها يمكن الحصول عليه عن طريق الاشتراك الخاص، وبعضها يوزع لمن يطلبه إذا اتبع بعض اللباقة وتفادي إثارة شكوك أولى الأمر اليهود، وهم شعب حذر مرهف الحس فيما يتعلق بمصلحته ومراميه. فإذا توفر على دراسة هذه المادة جماعة من أهل الاختصاص استطاعوا أن يستبينوا كثيراً من تطورات الغش السياسي اليهودي في نطاقه المحلي وفي نطاقه العالمي كذلك، وأن يتفادوا كثيراً من