للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد امتاز في هذا الوقت من عمره بالميل الشديد إلى الصدق والاستقامة في العمل والقول، والسير في ركاب الفضيلة والخلق القويم.

ولم يتعلم تجويد القرآن وتلاوته قبل الذهاب إلى المدرسة، ولكنه انصرف إلى إتقان ذلك من تلقاء نفسه، فعكف على القراءة وصبر على احتمال الصعوبات حتى أصبح يجيد التلاوة والتجويد.

ولما أتم دراسته الثانوية، كانت رغبة أبيه تتركز في أن يتمم دراسته الجامعية على الرغم من سوء حالته المادية، ولكنه استعان على كل ذلك بالصبر والجلد والعزيمة وأرسله إلى الجامعة في لاهور.

وقضى هناك خمس سنوات في الدرس المتواصل والاجتهاد فنال درجة بكالوريوس في العلوم عام ١٨٩٤ ودرجة أستاذ في العلوم عام ١٨٩٥.

وامتاز في دراسته الجامعية، كما امتاز في دراسته الثانوية، بالذكاء والنبوغ، وكان موضع إعجاب الجامعة بأسرها. وقد اختار اللغة العربية وتعمق في دراستها الجامعية، دون أن تكون من مواضيع اختصاصه، إذ كان الأول في الرياضيات في جامعة البنجاب وحينما طلب مرة شهادة من أحد أساتذته كتب له فيها: (أنه أحسن طالب في الرياضيات في جامعتنا) وبعد حصوله على شهادة البكالوريوس في العلوم، أخذ يستعد للحصول على شهادة الأستاذية في العلوم، فاختار اللغة الإنجليزية وتخصص فيها وعكف على دراسة آدابها فبلغ في ذلك شأوا بعيدأن وكان من بين الطلاب الخمسة الذين حصلوا على هذه الشهادة من جامعة البنجاب من مجموع ثلاثة وعشرين طالباً تقدموا للحصول عليها.

والغريب في حياته الجامعية، أنه لم يشترك في أي نشاط أدبي مهما كان نوعه، ولم يكتب في تلك الجامعة أي موضوع للنشر، ولم يرتق منصة الخطابة للتحدث عن أي موضوع، وأكثر من ذلك لم تبدر منه أية بادرة تدل على تلك الثروة الأدبية الرائعة المخزونة في ذكائه النادر، والتي قدر لها في مستقبل حياته أن تصنع المعجزات في خدمة الدين الحنيف. إنما كان منصرفاً إلى الألعاب الرياضية في أوقات فراغه في الجامعة ولاسيما لعبتي الكر كيت وكرة القدم. وحتى هذا الهدف وهو في الخامسة والسبعين من عمره السعيد المجيد المبارك، يخرج في الصباح مبكراً للسير مسافات لا يستطيعها من كان في مثل سنة، وإلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>