للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

١٩٠٨، تاركا رئاسة الحركة التي أسسها إلى المرحوم مولانا نور الدين الذي أشتهر بين الناس بعلمه ودينه.

ودعي مولانا محمد على عام ١٩٠٩ ليقوم بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية، وراح في صمت المؤمن، وصبر المجاهد، يواصل العمل طيلة سنوات ثمان. ولم يكن هذا العمل بالشيء اليسير، وإنما كان شائكاً معقداً وعر المسالك، تغلب عليه بهمة أقوى من راسيات الجبال، إذ كان التعليق على الآيات وتفسيرها ونقل معانيها، يتطلب دراسة أمهات كتب الأحاديث ومراجعة جميع المعروف من المعاجم العربية لأمانة نقل المعنى الذي ينطوي عليه اللفظ العربي، إلى الإنجليزية نقلاً صادقاً دقيقاً، وكان يعمل في كل يوم من تلك السنوات الثمان اثنتي عشرة ساعة عملاً متواصلاً، حتى إذا ما أتعبه الجلوس، انتصب قائماً واستعان على عمله بمنضدة مرتفعة يعمل عليها وهو واقف في يسر وسهولة.

وتمت الترجمة بكل ما أضيف إليها من حواش وتعاليق وشروح ومقدمات وأضيف إليها النص العربي، فبلغت الآلاف من الصفحات عام ١٩١٧.

وفي هذا الوقت بدأت الخلافات في الحركة الأحمدية وانشقت على نفسها، وهو أمر يستوجب الأسف والحزن، ولكنه أمر لم يكن منه بد، ذلك أن أصدقاء مؤسسي الأحمدية وأعداءه على السواء قد نالوا منه وشوهوا أهدافه وافتروا الضلال المبين عليه، لأن فئة قليلة من أتباعه، دفعتهم العاطفة، وحملهم الوهم على اعتباره نبياً بكل ما في هذه الكلمة من معنى، واعتقدوا أن جميع الذين لا ينظرون إليه على هذا الشكل إنما هم كفرة خارجون عن حظيرة الدين الإسلامي.

وبعد وفاة مولانا نور الدين عام ١٩١٤، ترك مولانا محمد علي قاديان في شهر نيسان من تلك السنة، مبتعدا بنفسه عن تلك الفتنة التي أثارت هذا النزاع في قاديان، وأستقر في لاهور، وأسس الجمعية الأحمدية لإشاعة الإسلام فيها، وانقطعت صلته بالجماعة الأحمدية في قاديان منذ ذلك التاريخ. ولكن على الرغم من الواجبات العملية الشاقة التي تتطلبها رئاسته لتلك الجمعية الإسلامية، فإن أعماله الأدبية ونشاطه الفكري لا يزالان على روعتهما وشمولهما.

<<  <  ج:
ص:  >  >>