هذا وقد يتساءل الباحث عما إذا كانت ترجمة من هذه التراجم الثلاث كانت معروفة في إيطاليا أثناء القرون الوسطى؟ والإجابة في هذه المرة لابد أن تكون بالإعجاب؛ إذ ورد ذكر هذا الكتاب الخاص بقصة المعراج في مؤلفين من مؤلفات كاتبين إيطاليين، عاش أحدهما في منتصف القرن الرابع عشر وعاش الآخر في أواخر القرن الخامس عشر، وليس هذا إلا دليلاً على انتشار المعلومات عن العقائد الإسلامية وفلسفة العرب في بلاد أوربا ولا سيما في إيطاليا في القرون الوسطى. هذا ولم يقتصر المستشرق في تشيرولي على نشر الترجمتين الفرنسية واللاتينية؛ وعلى ملخص الترجمة القشتالية، فحسب بل أضاف إلى ذلك قسماً آخر يبرهن على هذا الذيوع، كما أضاف قسما ثالثا جمع فيه كل الشواهد التي تثبت هذا الانتشار، وعلى رأسهما حوار جرى بين النبي محمد (ص) وعبد الله بن سلام اليهودي، ترجمه إلى اللاتينية أرمانو الدلماطي سنة ١١٤١ - نقلاً عن الكتاب المعروف باسم (رد الكلام في مسائل عبد الله بن سلام).
وقد يتساءل الإنسان كذلك عن قيمة البحث الذي قام به المستشرق تشيرولي والإجابة عن ذلك أنه نجح كل النجاح في إيضاح المسألة على أساس أمتن من الأساس الذي وضعها عليه المستشرق الأسباني.
كذلك يمكن التساؤل عن موقف تشيرولي في هذا الموضوع. لقد كان المستشرق الإيطالي شديد الحذر عند الإشارة إلى تأثير هذه المعلومات الإسلامية على فكرة دانتي؛ ولذلك اجتهد في أن يثبت آراءه بأكثر مما يلزم من الأدلة وذكر أن من المحتمل كثيراً أن يكون دانتي قد تأثر بقصة المعراج بصفة عامة عندما خطرت بباله فكرة رحلته إلى الأقاليم الثلاثة؛ ولكنه لم يصل إلى الجزم بأن الملحمة مأخوذة بتفاصيلها مأخوذة عن قصة المعراج كما فعل بلاثيوس!