الإيطالي إذ ذاك أن الترجمتين أصلهما واحد وجاء من بعده المستشرق الإيطالي تشيرولي ودرس المخطوطين وسرعان ما اثبت بطريقة لا تحتمل الشك صدق نظرية (مونتيري) وقد نشر أخيراً هذين المخطوطين وأضاف إليهما كل ما استطاع إضافته من المقدمات والحواشي والتفسيرات لتوضيح المسألة التي كانت موضع الخلاف.
أما المخطوط المشتمل على الترجمة اللاتينية فعنوانه
وأما المخطوط الفرنسي فعنوانه
ومعناهما (كتاب معراج محمد) وهو ملف غفل لم يعرف واضعه للآن، ترجم أولاً من اللغة العربية إلى اللغة القشتالية (نسبة إلى قشتالة) من لغات أسبانيا، وكان الذي قام بترجمته هو (إبراهيم العقيم اليهودي) الذي كان طبيباً ببلاط الملك الصالح الأسباني، كما نقله فيما بعد من هذه اللغة إلى اللغتين المذكورتين آنفاً الكاتب الإيطالي. بونافنتورا داسينا الذي كن سكرتيرا ببلاط الملك السالف الذكر في منتصف القرن الثالث عشر.
وبالرغم من أن المترجم الإيطالي قد اعتمد في نقله إلى اللغتين اللاتينية والفرنسية على الترجمة القشتالية لا على النص الأصلي؛ فإن كل ما في المخطوطين اللذين قام تشيرولي بنشرهما، من المصطلحات والعبارات والتراكيب والأسلوب يدل دلالة قاطعة على أن النص الأصلي إنما هو نص عربي، كما يدل أيضاً على عروبته أسماء الأماكن وأسماء الأعلام وذكر الآيات القرآنية الكريمة الواردة فيهما. ولولا ذلك لما ذكر المترجم الإيطالي بونافنتورا داسينا جملاً عربية كاملة مكتوبة بالأحرف اللاتينية؛ في إمكان القارئ الملم بلغة الضاد أن يعيدها إلى أصلها العربي بكل سهولة مهما طرأ عليها من التحريف، ولكن ماذا يا ترى يكون ذلك النص العربي المجهول؟ ومتى ألف؟ ومن عساه أن يكون مؤلفه؟
يمكننا بالرغم من عدم استطاعتنا الإجابة عن هذه الأسئلة كلها - أن نثبت على الأقل أن المصدر العربي الذي أستيقن منه الترجمات الثلاث لابد يكون كتابا عربياً يشتمل على قصة المعراج كما كانت تروي في بلاد الأندلس في القرن الثالث عشر. وبمجرد أن ترامي إلى سمع الملك ألفونس المذكور وجود قصة ظريفة من هذا النوع أمر بترجمتها حتى يستطيع علماء الغرب أن يطلعوا عليها.