للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والأرض خاشعة تميد بثقلها ... والجو معتكر الجوانب أغبر

ذكروا بطلعتك النبي، فهللوا ... لما طلعت من الصفوف، وكبروا

حتى انتهيت إلى المصلى لا سيما ... نور الهدى، يبدو عليك ويظهر

ومشيت مشية خاشع متواضع ... لله لا يزهى، ولا يتكبر

فلو إن مشتاقا تكلف فوق ما ... في وسعه لسعى إليك المنبر

وهذا هو أبن هانئ الأندلسي يمدح المعز لدين الله الفاطمي ويهنئه بشهر الصيام والعيد، وهو كعهدنا به قوة أسلوب ومبالغة في المدح تصل إلى حد الإسراف الذي يخرج عن حدود الاعتدال، فيقول:

جود كأن اليم فيه نفاشة ... وكأنما الدنيا عليه غثاء

ملك إذا نطقت علاه بمدحه ... خرس الوفود وأفحم الخطباء

هو علة الدنيا ومن خلقت له ... ولعلة ما كانت الأشياء

ليست سماء الله ما تروثها ... لكن أرضا تحتويه سماء

نزلت ملائكة السماء بنصره ... وأطاعه الإصباح والإمساء

أرأيت كيف يسمو الشاعر بالخليفة إلى مرتبة الألوهية وهو الذي يقول في غير هذا المكان:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار ... فاحكم فأنت الواحد القهار

ولا أظنك قائلاً إنه نظرية الفلسفة الإسلامية التي تعرف الله سبحانه وتعالى واجب الوجود بعلة العلل. ثم كيف يشبه بالنبي في وقعة بدر إذ نصره الله بالملائكة في قوله تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون، إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين).

ثم يتابع الشاعر المدح فيقول:

يفديك شهر صيامنا وقيامنا ... ثم الشهور له بذاك فداء

فيه تنزل كل وحي منزل ... فلأهل بيت الوحي فيه ثناء

فتطول فيه أكف آل محمد ... وتغل فيه عن الندى الطلقاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>