ما زلت تقضي فرضه وأمامه ... ووراءه لك نائل وحباء
حسبي يمدحك فيه ذخراً أنه ... للنسك عند الناسكين كفاء
وهذا مهيار الديلمي يكتب إلى أبي الحسين أحمد بن عبد الله الكاتب مستوحشا لبعده متشوقاً للقائه، مهنئا بالصوم والعيد، من قصيدة طويلة بالغ فيها الشاعر في مدح صاحبها ولكنها على رغم ذلك فيها فن جميل وخيال بديع والتفاتات بارعة لطيفة فيقول:
فلله أنت أبن نفس سمت ... لغايتها قبل أن تولدا
إذا خير اختار إحدى اثنت ... ين إما العلاء وإما الردى
كأني أراك وقد زاحموا ... بك الشمس إذ عزلوا الفرقدا
وخاطوا النجوم قميصا عليك ... ولاثوا السحاب مكان الردا
فما أمكن اسمع أزدك ... قوافي بادئة عودا
لو استطاع سامع أبياتها ... إذا قام راويها منشدا
يصير أبياتها سبحة ... ومثل قرطاسها مسجدا
مهنئة أبداً من علاك ... بما استأنف الحظ أو جددا
وبالصوم والعيد حتى تكون ... آخر من صام أو عيدا
إنها قصيدة جيدة بديعة ولكن الشاعر يهتم فيها بممدوحه فيخصه بها كلها ولا يذكر العيد إلا ذكرا عابراً. وغير هؤلاء.
كثيرون يضيق المقام عن ذكرهم، ممن اتخذوا هذه المناسبة وسيلة لأغراضهم يرجون فيها مدائحهم للأمراء والخلفاء.
فإذا تركنا القدامى إلى المحدثين وجدنا الأمر يختلف اختلافا بينا، فقد تبدل الحال غير الحال، وسمت الأغراض، وقل مدح الشعراء للملوك والأمراء واستجداء عطاياهم، فقد أصبحوا يتأثرون بما تحسه شعوبهم من آلام وآمال، ويعبرون عما يجول في نفوسهم، مشاركين في كل حركة، مصورين ما يعتلج في قرارة نفوسهم من عواطف وأحاسيس فاعتبر شعرهم بحق سجلا لأيامهم وما يقع فيها من أحداث. . .
فهذا أمير الشعراء أحمد شوقي نراه عندما يستقبل عيد الفطر يستقبله بنفس يملأها الحزن والأسى، وتفيض بالحسرة والألم، لما يرى في مجتمعه من نفاق وغدر، ولانحلال الأخلاق