والله لولا الضرب في التعليم ما ... نفع البليد ولا أصاب نجاحا
وليس من شك أن المجالس الشعبية كثيراً ما تدور حول لذائذ الأطعمة وطيباتها، والشعر
المطعم يتكلم بلسان هذه المجالس فيقول:
أرحل عن الدار التي أصحابها ... لا يطعمونك من لذيذ المأكل
بئس الطعام الفول وهو مدمس ... مهما تحاول بلعه لا ينزل!
زرنا تجد في بيتنا ما تشتهي ... من كل مطبوخ وكل مخلل
عملت لنا بالأمس عبلة كفتة ... طباخ باشا مثلها لم يعمل
وكباب عبلة، لا تقل حاتي ولا ... ماتي، وكل منه ثلاثة أرطل
إن الكنافة لو تمثل شخصها ... بين الصنوف ونتشتها في الأولى
وإذا سلاطين الخشاف تجهزت ... فاشمر لها الأكمام واشرب وانجل
والشاعر لا ينسى نفسه في زحمة الكباب والكنافة والخشاف، ولكن يذكر أنه من العزة والكرامة حتى يطيب الطعام فيقول:
لا تسقني مرق الفراغ بذلة ... بل فاسقني بالعز ماء الفلفل
مرق الفراخ بذلة لا أشتهي ... والطرشي في عز أراه يلذ لي!
ولكن. كيف الشعر المطعم فن الغزل، والحب يهز قلوب العلية والدهماء على السواء! إذا بحثنا نجد الغزل في هذا الشعر غزلا يناسب الطبقة الدنيا، ويمثلها أروع التمثيل، فلكل طبقة أسلوبها في طريق المغازلة، عملية وكلامية. وفي الطبقة الشعبية نجد من النساء من تحب من زوجها أن يضربها منذ الليالي الأولى، وإلا لم يكن شهما، فهي تشتم زوجها وتعربد عليه، ولتستثيره، وتخبر مبلغ رجولته.
بكرت تبستفني وتلعن لي أبي ... فأجبتها حالا بضرب الشبشب
مهبولة وتريد مني طبلة ... يا موت خذها من أمامي، والنبي
يا بنت الكلب، ما دخلي أنا ... البيت عندك عمري أو خربي
وبينما نجد هذا النوع من النساء في الطبقة الدنيا، نجد نوعا آخر يحب الدلال، ويحب المحاسنة، ولكن ما دلال العامة وكيف يكون هذا شاعر يصور ضربا منه فيقول:
قلت - يا منية الفؤاد أركبيني ... وامسكي شال عمتي كالعنان!!