مجرداً يدعى (الخير) بل علينا أن تمنحهم شيئا يرغبون فيه ويحتاجون إليه، إذا كنا نريد أن نزيد من سعادتهم وقد يصل العلم في بعض الأوقات إلى أن يشكل رغباتنا حتى لا تتصارع مع رغبات الآخرين كما تتصارع الآن، وعندئذ سنكون قادرين على إرضاء قسم أعظم رغباتنا أكثر مما هو حادث في الوقت الحاضر، وبذلك المعنى، وبذلك المعنى فقط، ستصبح رغباتنا حينئذ (أحسن) والرغبة وحدها ليست خيرا أو شرا من رغبى أخرى حينما نعتبرها وحدها، ولكن مجموعة من الرغبات خير من مجموعة أخرى إذا كانت كل مجموعة الأولى يستطاع إشباعها كلها في آن واحد، بينما المجموعة الثانية، بعضها يتناقض مع البعض الآخر، وهذا هو السبب في أن الحب خير من الكراهية.
أن توقير العالم الطبيعي، لا معنى له، لأنه يجب أن يدرس بقصد جعله له خادماً للغايات الإنسانية بقدر المستطاع، ولكنه يبقى من الوجهة الأخلاقية، ليس خير أو شرا. وحيثما يتفاعل العالم الطبيعي والطبيعة البشرية كما في مسألة السكان فليس هناك من حاجة لأن نبسط أيدينا ساجدين، ونتقبل الحرب والوباء والمجاعة على أنها الوسائل الممكنة فقط لإنقاص الزيادة المفرطة في السكان، والإلهيين يقولون إن من الشر أن نطبق في هذا المجال العلم على الجانب الطبيعي من المشكلة؛ بل يجب علينا (هكذا يقولون) أن نطبق الأخلاق على الجانب الإنساني، ونسير بشيء من الزهد وهم في ذلك يعبدون عن حقيقة أن كل فرد - بما في ذلك الإلهيين أنفسهم - يعلم أن نصائحهم لن تتقبل، فلماذا يكون من الشر أن نحل مشكلة السكان الوسائل الطبيعية لمنع الحمل؟ وليس هناك أية إجابة يحتمل ظهورها. وما عدا واحدة مبنية على عقائد عتيقة، فمن الواضح أن دفاع الإلهيين عن القسوة على الطبيعة ومخالفتها، هو على الأقل عظيم مثل الدفاع عن الرأي القائل بتحديد النسل ويفضل الإلهيين القسوة على الطبيعة البشرية ومخالفاتها، وهذا الأمر - حينما يأخذ مجاله من التطبيق - يشمل الشقاء والحسد والميل إلى الاضطهاد، وغالبا الجنون. أما أنا فأفضل (القسوة) على الطبيعة البشرية، ولكنها قسوة من نوع آخر، تشبه تلك القسوة العمل في آلة بخارية، وهذا المثل يبين إلى أي حد كيف أن العمل بالمبدأ القائل: إننا يجب أن نتبع الطبيعة غامض ومهوش.
إن العالم الطبيعي، وحتى الطبيعة البشرية، سيتوقف أكثر فأكثر، على كونه حقيقة مطلقة،