الفيتامينات من زيت كبد الحوت والأشعة الكهربائية، ومن المؤكد أن هذين ليسا من طعام الإنسان الطبيعي وهذه الحالة تصور ما قد يحدث من ضرر غير متوقع حين فقدان المعرفة لانتقال جديد في الطبيعة. ولكن حينما يفهم الضرر فهو يعالج عادة ببعض أشياء صناعية جديدة، وأنا أجيب فيما يختص بيئتنا الطبيعية ووسائلنا الطبيعية لإرضاء رغباتنا: أن عقيدة (الرجوع إلى الطبيعة) تبرز أي شيء بعد اتخاذ الاحتياطات التجريبية، حين اختيار شيء ملائم. مثلا: الملابس - على العكس من الطبيعة - تحتاج إلى أن يضاف إليها عمل آخر غير طبيعي؛ أعني الغسيل، وذلك إذا أريد منها ألا تأتي بالمرض؛ والعملان مما يجعلان الإنسان أصح من الحيوان الذي يجتنبها.
وهناك كلام أكثر من ذلك يقال بصدد (الطبيعة) في ناحية الرغبات البشرية، وأنه لشيء قاس وخطر أن ترغم الرجل أو المرأة أو الطفل على حياة تتنافى مع أقوى دوافعهم، وبهذا المعنى تمدح الحياة المطابقة لمقتضى (الطبيعة) وليس هناك من شيء أعظم من إنشاء سكة حديد كهربائية تحت الأرض ولكن، على أن لا يؤخذ أي طفل قسرا ليسافر في إحداهما، وعلى العكس يجد معظم الأطفال في هذا الفعل شيئاً من السرور. والأشياء الصناعية وما يماثلها من الأعمال التي تشبع رغبات الكائن البشري العادي، تعد خيرا ولكن لا يقال مثل ذلك عن وسائل الحياة الصناعية التي تفرضها السلطة أو الحاجة الاقتصادية، فمثل وسائل الحياة هذه هي من دون شك ضرورية إلى مدى بعيد في الوقت الحاضر: فالسفر عبر المحيطات يصبح شاقاً جداً إذا لم يكن هناك وقادون يتعبون في السفن البخارية، ولكن الضرورات من هذا النوع، هي مما يؤسف له، وعلينا أن نبحث عن طريق لتجنبها.
وفي الحقيقة ليس قدر معين من العمل بالشيء الذي يتألم منه، ففي تسع حالات من كل عشرة يحمل هذا الإنسان أسعد من الكسل التام، ولكن مقدار ونوع العمل الذي على معظم الناس أن يعملوه في الوقت الحاضر، هو الشر المستطير، وخاصة ما أيأس تلك الحياة الطويلة التي تجعل من الإنسان عبدا لنظام مطرد. والحياة لا ينبغي أن تكون بمثل هذا النظام الرتيب، أو هذه المنهج الدقيق، بل ينبغي أن نفسح المجال لدوافعنا، حينما لا تكون هذه الدوافع مهلكة وضارة بالآخرين. ومن الواجب احترام الطبيعة البشرية لأن دوافعنا ورغباتنا هي المجموع الذي تتألف منه سعادتنا، وليس بشيء ذي بال، أن تمنح الناس شيئاً