للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وللعلم الطبيعي أشد الأثر إلى حد بعيد في حياتنا، ولكن من المحتمل أن يكون في المستقبل للفسيولوجيا وعلم النفس الأثر الأكبر حينما نكشف الغطاء عن كيفية اعتماد الشخصية على الشروط الفسيولوجية، سنكون قادرين، إذا شئنا، على أن ننتج كثيراً من أنماط الكائنات البشرية التي نستجيدها. والذكاء والقدرة الفنية وحب الخير - كل ذلك يزداد بلا شك بالعلم. ونادرا ما يبدو هنا أية حدود لما سوف يأتي به استعمل الناس للعلم بحكمة في سبيل إحداث عالم سعيد وقد عبرت عن مخاوفي في مكان آخر، من أن الناس قد لا يستعملون القوة التي استخرجوها من العلم استعمالا حكيما وأنا مهتم في الحالة الراهنة بالخير الذي يستطيع الناس عمله إذا اختاروا، وليس بالسؤال: هل سيختارون ما يسيء إليهم أكثر مما ينفعهم؟

وهناك بعض مواقف بصدد استعمال العلم في الحياة الإنسانية أعطف عليها، على رغم أني لا أتفق معها في التحليل الأخير. ومن هذا موقف الذين يخشون (ما ليس بطبيعي) ولقد كان الرائد العظيم لوجهة النظر هذه في أوربا هو (روسو) وفي آسيا الحكيم الصيني (لاوتز) الذي قال بذلك منذ ٢٤٠٠ سنة وكان أشد إقناعا، وإني لأحسب أن هناك خلطا بين الحق والاطل في مسألة الإعجاب بالطبيعة الذي هو أمر جوهري في حل الإشكال ولكي تبدأ في حل هذا الإشكال نتساءل: ما هو الشيء الطبيعي؟ وهو - بدون لف أو دوران - كل ما كان المتكلم متعودا عليه منذ الطفولة، فلاوتز كان يعارض وجود الطرق والعربات، والقوارب ربما لم تكن معروفة في القرية التي نشأ فيها، ولكن روسو كان معتادا على هذه الأشياء، فلم ينظر إليها على أنها شيء ضد الطبيعة، ولكنه كان يرغي ويزيد ضد السكك الحديدة لو أنه عاش حتى يراها، ونحن نعلم أن الملابس والطبخ موجودان منذ القدم، بحيث لا نستطيع أن نقول إنهما أبلغا إلى الناس عن طريق أنبياء الطبيعة، ومع ذلك فهم يعترضون على الطراز الجديدة في كليهما، وأيضا يظن الذين يسمحون بالعزوبة أن تحديد النسل شر؛ لأن الأول (تحديد النسل) انتهاك جديد لحرمة الطبيعة، والثاني (العزوبة) شيء قديم. ومن كل ذلك نرى أن هؤلاء الذين يحبذون فكرة الرجوع إلى كل ما هو طبيعي متناقضون والإنسان مدفوع إلى اعتبارهم محافظين.

ومع ذلك فهناك شيء يقال في صالحهم، مثال ذلك وجود الفيتامينات التي أحدثت اكتشافها انقلابا في خدمة الأطعمة الطبيعة، ولكن يبدو (ذلك واقع الآن) أنه يستطاع استخلاص

<<  <  ج:
ص:  >  >>