السلاطة (هبة) يباهي بها طوال الأسنة، في زمن معوج لطم الباطل وجه الحق غير متهيب ولا خزيا!
والسليط مسف مستخف، لا يبالي سوى نوعه، ولكل شيء آفة كم جنسه، فهو فانك لهج على الوادعين المسالمين، ومنزو منطو أمام المسلطين المؤذن، لا يعرف قدر اللئيم غير اللئيم!
والسليط يعلق بلسانه الإسفاف، ويلعق الهذر في نهم الذئب١
ومن العجب أن المجتمع يغريه على استدامة سلاطته بالمقاربة والمدراة والتخوف؛ فيكبر وهمه في رأسه حتى يغالي في نزواته وغلوائه!
وإن هذا السلطان الذي صنعه بخشونة طبعه، وخسة حسه، واتضاع نفسه، وضآلة شخصه، يجب أن يحطم على رأسه.
وإن المسالمة في جانب المخاشنة ضعف، والمراوغة مع الوضيع غفلة!
يجب أن نحرر شعورنا ونطلقه من محبس الاستحياء، ما دام الزمن لا يعرف سوى العنف في منطق المؤاخذة.
والحياة سجل يحفل بتلك الصور القاتمة التي تظلم جوانبها المضيئة فتدعونا إلى السأم، والضجر، والمضايقة، ونحن الذين نجلب إلى أنفسنا هذه المعاني بعدم مطاردة الجبناء!
حدثني رجل فاضل قال: كنت أجالس جلة المجالسين؛ فيغشى مجلسنا معتوه أعمى الجنسان، مستطيل اللسان، أغراه تسمعي إليه، وترفقي به، إلى تزييف كل قول في جرأة وقحة، والجلساء يخشون سلاطته، ويحاولون مجاراته. ولما برم شعوري به اعتزمت أمرا، وجعلت على يميني العصا التي تطوي لسان هذا الرعديد. ولقد عاود سخفه فزجرته حتى انكمش وتكور ونظر إلى عصاي نظرة الترفق، ثم طواه أفق الخزي ولم يعد إلى المضايقة! قلت: إن سلطان السليط مصنوع من الطيبة المرادفة للغفلة!