ووجف قلبها عندما خاطبها الطبيب بلهجة من لا يعلم عنها شيئا. . . وأخذت تحدق في تلك الخادمة اللعينة بنظرات تتلظى وغضب مكتوم، واصطبغت وجنتاها بحمرة خفيفة عندما خاطبها ثانية: - هل أستطيع أن أقوم بشيء؟
وأجابته على الفور بصوت متهدج واهن وهي تصر على نواجذها:
- أسناني. . . أسناني تؤلمني قليلا يا دكتور. . .
- ها.؟ صحيح؟ وتذكرت واندا سنا لها كانت تؤلمها أحيانا:
- في الفك الأسفل، نحو اليمين. . . حسنا افتحي فاك جيدا. . .
وزوى فيكل ما بين حاجبيه وبدت علنه صرامة قاسية وتنهد تنهدة عميقة، ثم شمر عن ساعديه وأمر أصابعه على أسنان الفتاة بهدوء، ثم أدخل في فمها آلة قاطعة:
- هل هذه السن تؤلمك؟ نعم. .
واستسلمت بين يديه بهمود وتراخ وشرعت تفكر
- إذا عرفته بنفسي. . . فلابد أنه يتذكرني جيدا، ولكن هذه الشيطانة لا تزال جامدة هناك كالصنم
وشعرت بألم حاد حينما اقتلع سنها بقوة، وندت عنها صرخة مكتومة وحاولت أن تمسك يديه. . . وصاح فيها: - ماذا تفعلين؟ إن سنك قد فسدت ولا تصلح لك البتة. . . وعليك ألا تهملي شأن أسنانك منذ اليوم يا صغيرتي. . .
قال هذا واستوى واقفاً على قيد خطوات منها وكأنه ينتظر خروجها. . . بعد أن أنهى عمله. . . وهبت الفتاة ناهضة وتوجهت نحو الباب بخطى مضطربة والتفتت نحو الطبيب وقالت وقد أفتر ثغرها عن ابتسامة متكلفة:
- إلى اللقاء يا دكتور. . .
وأمسك فيكل زمام ضحكة كانت على وشك الانطلاق ثم أجابها بتهكم مرير:
- إلى أين؟ لقد نسيت الأجر!
واصفر وجه (واندا) ثم اكتسى بحمرة الخجل، لكنها تمالكت نفسها:
أوه. . . . المعذرة، لقد نسيت ذلك؛ عفواَ.
وازداد ارتباكها وهي تتلقى نظراته النفاذة، وسرعان ما أخرجت الروبل الوحيد الذي تملكه