البحوث، وعودتنا على طرق بابها، دون أن توصده في وجه من يبغي نشر فضائل بني قومه من الأعلام المجهولين. . جئت مقدما شاعرنا المجهول المغموط الحق بهذه المقدمة الموجزة. .
الشيخ أمين الجندي شاعر مطبوع. ولد بمدينة حمص سنة ١١٨٠ ولقد جاء في مقدمه ديوانه ما ننقله بالحرف الواحد بلغة أهل ذلك العصر. .
هو عالم زمانه وشاعر عصره، الحسيب النسيب، مداح المختار الحبيب، الشيخ أمين بن خالد أغا الجندي العباسي. وبعد أن تلقى علومه في حمص على خيرة علمائها توجه إلى دمشق وقرأ على علمائها الأعلام وأخذ الأوزان الشعرية من الشيخ عمر اليافي، ولما رأى فيه هذا الذكاء النادر قال له:
أذهب فأنت أشعر أهل الغرام. فصار الشعر فيه سجيه والبلاغة له عطيه، يرسم القصائد الفريدة والموشحات المفيدة والمواليات العديدة، بحيث لم يكن يمضي عليه يوم يخلو فيه من نظم ونثراه إلى آخر ما هنالك من أقوال كثيرة وردت في المقدمة تمسك عن الاسترسال بسردها لئلا يمل القاري وكلها على هذا الديوان أن الشاعر كان معاصراً للقائد الكبير إبراهيم باشا قائد الحملة المصرية، وفاتح سورية ولبنان وغيرهما من البلاد العربية. ولقد عثرت في الديوان على مقطوعة مدح بها هذا الفاتح العظيم بقوله له:
بوق ابتسام الليث في موقف الخطر ... وخف باسمه إن غاب يوما أو حضر
وكن بطلا شهما شجاعا ولا تكن ... جبانا جزوعا قاصر الباع والنظر
فإن الجبان الوغد ما بين قومه ... يعيش ذليلا سئ الحال محتقر
ولسنا إذن في دولة قيصرية ... ولا أهل ملك كسروي كما اشتهر
ومن مصر مذ سرنا بأمر عزيزها ... كشفنا ظلام الجور والبغي والضرر
(وبارودنا) كالبرق والرعد لم تزل ... صواعقه ترمي وتحرق بالشرر
وكم حافر بئرا ليوقعنا به ... فخاب وأمسى واقعا بالذي حفر
ومسمر نار للعناد وعندنا ... بحار لها تطفي وتغرق من سمر
ولكننا في عز دين مؤيد ... وشرع بوحي جاء من سيد البشر
وإنا بحمد الله في خير دولة ... لو اعزها في الخافقين قد انتشر