للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا مولانا الشيخ! أنا لا أهتم بهذه الخزعبلات والترهات، ولا أنظر إليها نظرة المحلل أو المحرم، ولكني أهتم كل الاهتمام بمن حول بلادنا من الأعداء، وما بين جدرانها من الجبناء. .

أتستطيع أن تذكر لي ماذا صنع الغوري لحماية الممتلكات المصرية؟

المستوفي: الذي أعلمه أن السلطان حريص كل الحرص على هذه الممتلكات جاد في الضرب على أيدي العابثين بها. حذر على بقاء نفوذه في الأصقاع النائية

لقد أشخص إلى الأقطار الحجازية بجريدة لتأديب العرب الخارجين عليه فيها. كما بعث حملة قوية إلى شواطئ بلاد الهند للقضاء على عبث الفرنجة هناك بسواحل الممتلكات المصرية، وعلى سلبهم أموال التجار. . وربما كان لسفر تغري بردي الترجمان إلى بلاد الفرنجة للقاء بطركهم، صلة بذلك. ولعل السلطان يهدد هذا البطرك بالقضاء على النصارى ببلادنا، إن لم يدفع كيد أتباعه عن سواحلنا ومتاجرنا. .

الشاعر: هناك دولة بني عثمان. دولة بني عثمان. . .! لقد كان بينها وبين سلاطين مصر السابقين مناوشات، وتحارب. وقد قوى اليوم أمرها، واشتدت مرتها، وفتل ساعدها. ولا أدري ماذا تخبئه الأقدار في جعبتها لبلادنا العزيزة، على يد هذه الدولة الماكرة الخبيثة. . .

الشيخ ولي الدين: مهما يكن من شيء، فهم مسلمون، والجراكسة مسلمون. . والله يولي من المسلمين علينا من يصلح. .

الشاعر: هذه يا مولانا الشيخ! نغمة الذل ووحي الضعف والاستسلام. ألا تحفظ قول الله سبحانه وتعالى: (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون) صدق الله العظيم

إلى هنا سمع صوت المسحر، وأخذ يدق طبله ويردد أناشيده وقد أوقدت المصابيح إشعارا بدخول وقت السحور. وارتفع أذان المؤذن ينادي للسحور، ويقول: (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا)

فأفاق القوم من جدلهم وتنحنح الشيخ ولي الدين، وحوقل. . . ثم قال باسما: (أتحبون أن ننفض؟. أو نتناول بلغة هنا. . .؟ والتفصيل على صاحبنا علم الدين. . .؟

فقال علم الدين الخياط ضاحكا: لقد نزلت على رأيك يا مولانا قبل أن تفصح به، وأعددت

<<  <  ج:
ص:  >  >>