موائد النقد. . لا يكاد يظهر لأحدهم كتاب حتى يبادر الآخران إلى الكتابة عنه في أكثر من صحيفة، مشيدين بما تزخر به صفحاته من علم، مشيرين إلى ما يتمتع به صاحبه من نبوغ! وتقرأ الكتاب فتضحك، وتقرأ النقد فتسخر
يريد صديقنا الأستاذ قطب أن يحمل الأدباء ووزارة المعارف ووزارتي المالية والمواصلات مسئولية قتل الأدب. . كلا أيها الصديق؛ أن الأدباء وحدهم هم المسئولون! هل وزارة المعارف أو وزارة المالية أو وزارة المواصلات هي التي (طفشت) القراء؟ أن هؤلاء القراء لم يزهدهم في القراءة ولم يصرفهم عنها غير هذا الأدب الهامد الذي لا حياة فيه؛ الأدب الذي ينتجه فريق من المجترين وفريق من الأدعياء والمتطفلين! ترى هل تستطيع تلك الوزارات الثلاث مهما أوتيت من القدرة على إخلاء الطريق أمام أدبنا منا العقبات، ترى هل تستطيع أن تقنع القراء بالعودة إلى هذا الأدب من جديد؟ لا أظن. . لأن هذا الأدب بوضعه الذي تحدثنا عنه وتحدث عنه الأستاذ الصديق، لا يمكن أن يحبب القراءة إلى الجمهور القارئ بعد أن خبره مرة ومرات! لا يمكن أن يحببها إليه ولو رفعت وزارة المالية قيود التصدير ويسرت وزارة المواصلات وسائل النقل وضحت وزارة المعارف فطبعت هذا الأدب على نفقتها ووزعته على الناس بالمجان!
إن المشكلة مشكلة هذا الأدب الهامد الذي لا حياة فيه، ولن تحل هذه المشكلة إلا إذا بعثنا هذا الأدب من مرقده ونفضنا عنه التراب، ولن يتم هذا البعث إلا إذا وجد لدينا عدد من الأدباء المجددين، أولئك الذين يجعلون نصب أعينهم أن ينقلوا الأدب من مرحلة المحاكاة الناقلة إلى مرحلة الأصالة الخالقة. . . عندئذ يمكننا أن نجبر القراء على القراءة بعد أن نعيد إليهم الثقة المفقودة والإيمان المسلوب، وعندئذ يمكننا أن نقضي على البقية الباقية من المجترين المتطفلين، أولئك الذين يتحملون وحدهم تبعة قتل الأدب في وضح النهار. . . مع سبق الترصد والإصرار!