أقول هذا ولا أريد أن أذكر أسماء من هاجمت من الأدباء. حسبي أنني آمنت وما زلت أومن، بأن الحياة الأدبية في مصر محتاجة إلى حركة تطهير يقوم بها لسان طويل! ذلك لأن الأدب هنا، في هذا البلد، أشبه برجل كريم النفس سمح الخلق مضياف: يفتح بابه لكل طارق، ويهيئ مائدته لكل عابر، ولو اندس بين جموع الطارقين والعابرين من هم خلاصة الأدعياء والمتطفلين! هذا الرجل، الذي هو الأدب في حاجة إلى صديق طويل اللسان ينهر تلك الجموع المتطفلة، الدخيلة، التي استغلت سماحة رب البيت ونبل محتده وكرم ضيافته، فاندفعت من أبوابه وجلست إلى موائده، في غير ما خجل ولا حياء. . . هذا الصديق الطويل اللسان هو كاتب هذه السطور، ولا ضير عليه أبدا إذا ما أنقذ الرجل الكريم المضياف من هؤلاء الضيوف الثقلاء، وألهب ظهورهم بالسياط!
وليصدقني أصحاب الاتهام أنني أضيق بأضواء الشموع؛ هذه الأضواء الضئيلة، الهزيلة، التي لا تستطيع أن ترد عادية الظلام. وإذا كنت قد دأبت على إطفائها فلأنني أوثر أن أحدق في أضواء المصابيح الضخمة، المتوهجة، التي يغمر شعاعها كل حنية وكل ركن وكل تعريجة في منعطف الطريق. فلتبق هذه ولتذهب تلك ما دمنا نريد للنور أن يقوى على مواجهة العواصف والأعاصير؛ هدم للقيم البالية المتداعية يعقبه بناء على ركام الأنقاض، وإخماد للأضواء الضئيلة الهزيلة يشع على أثره كل نور وهاج. . أهذا هو ما ألام عليه وتوجه إلي من أجله فنون الاتهام؟ أن الصورة التي نستمد أضواءها وظلالها من هذه الكلمات لجديرة بتأمل العاتبين)!
فقرات أخرى أثبتناها في مقدمة الكتاب الذي يتطلع إلى النور في الغد القريب. . من هم الذين عنيناهم بتلك الفقرات ونحن في موقف التفسير والتبرير؟ هم أولئك الأدباء المجترون الذين عناهم الأستاذ قطب بكلماته وهو يتحدث عن نصيبهم في جريمة قتل الأدب و (تطفيش) القراء؛ وهم أيضا أولئك المتطفلون على موائد الأدب في غير ما خجل ولا حياء؛ وهم مرة ثالثة أولئك الذين يمثلون العصابات في دور الصحف والمجلات!
هذه العصابات الأدبية قد هاجمت بعضها يوما على صفحات (الرسالة) هجوما لا هوادة فيه. . . من هذا البعض عصابة كان يمثلها ثلاثة: أولهم ينسب جهلا إلى الفلسفة، والثاني ينسب غفلة إلى الشعر، والثالث ينسب ظلما إلى الأدب! وهم بعد هذا كله متطفلون على