للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحن في سبيل الحديث عن الفلاح العراقي. إنما نتحدث عن الفلاح في كل جزء من وطن العروبة، فلقد وحد الألم المشترك والعذاب الذي لا يحتمل، والظلم الاجتماعي الذي لا يطاق، بين قلوب أولئك المعذبين، على بعد الدار، ونأي المزار، فكان الحديث عن أية طبقة منهم في أي مكان من الوطن الشامل، إنما هم الحديث عنهم جميعا

العراق بلد زراعي، ومساحته (٤٣٥) ألف كيلومتر مربع، وعدد السكان فيه يقرب من خمسة ملايين، وكان هذا العدد زمن العباسيين يزيد على أربعين مليونا. والأرض الصالحة للزراعة في الوقت الحاضر تبلغ مساحتها (٩٢) ألف كيلو متر مربع، لا يزرع منها فير خمسها

وتقسم الأرض الزراعية إلى منطقتين: شمالية، وهي الأرض التي تعتمد الزراعة فيها على مياه الأمطار ومساحتها (٤١) ألف كيلو متر مربع؛ وجنوبية وهي التي تعتمد الزراعة فيها على مياه الأنهار ومساحتها (٥١) ألف كيلو متر مربع

ويتألف سكان العراق، من البدو الرحل ونسبتهم العددية لمجموع السكان ثمانية في المائة، وسكان المدن، ونسبتهم العددية، اثنتان وعشرون في المائة، وسكان الأرياف، وتبلغ نسبتهم ستعون في المائة

وتؤلف القرية في منطقة الأمطار الشمالية، الوحدة الاجتماعية، وكان فيها الفلاح على وجه العموم، يتمتع بملكية صغيرة، وشبه استقلال، ولكن مرور الزمن، جعل (المختار) أو (الأغا) مستبدا، فاعتدى على الفلاحين، واستولى على أراضيهم، وسكتت السلطات، وغضت الطرف عن هذا الظلم، حتى فدا الفلاح عاملا مأجورا (للأغوات)

أما في الجنوب، فتتألف الوحدة الاجتماعية، من القبيلة، تمتعت منذ زمن موغل في القدم بحق المعيشة في أراض واسعة، بطلق عليها اسم (الديرة)، وزعت الأراضي منها على الرؤساء، والمشايخ، وغدا أفراد القبيلة مزارعين عند هؤلاء، لا يملكون شيئا. . .

وهذا النوع من الملكية في المنطقتين الذكورتين، ليس إلا لونا من ألوان الإقطاع البغيض، يجعل لفريق من أبناء الأمة سلطانا على أرض الوطن وأبنائه، مرتكزا على حق الوراثة، أو حق الغزو، أو حق العصيان، وسلطان من هذا النوع، لا يستمد قوته من إرادة الأمة، ولا يوافق مصالحها، ويجب القضاء عليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>