نفسه أنه قد قيد بطريقة لا يفهمها ولا يدري السر في إصرار والده على ضرورة التمسك بها. وهو مضطر للعمل بها إرضاء للسلطة العليا الممثلة في شخص أبيه، فكأنه لم يقبل العمل بهذه الطريقة إلا لإرضاء السلطة العليا، ولذلك يظل عمله بها قائما وباقيا ما دامت هذه السلطة موجودة لتعد عليه حركاته وسكناته وتراقب كل تصرفاته، ولذلك نراه يتخفف من العمل بما أمر به حين يخلو إلى نفسه وحين يبتعد عن سلطة الرقباء يخالف ما تعلمه في الحال ويبدأ في الصيد بطريقة أخرى تنسجم مع ميوله وأهوائه. سيجرب الوسيلة التي كان آباؤه قد جربوها من قبل، وسيصيبه مثل ما أصابهم من ضر وعند ذلك يبدأ في إدراك الحكمة فيما علمه إياه أبوه، ويفهم السر في تمسكه وإصراره، والحكمة في إرشاده وتعاليمه.
وهكذا يمكن أن نجمل موقف المتعلم بالطريقة بذكر المظاهر الآتية: -
١ - ازوراره عن التعلم أو انعدام الرغبة لديه
٢ - تقيده التام بما يراد له أن يتعلمه
٣ - عدم قبوله للتعلم إلا مضطرا وتحت ضغط عوامل خارجية
٤ - العجز عن الفهم أو عن إدراك الحكم فيما يتعلمه
٥ - إن التعليم غير ثابت ويزول بزوال المؤثرات الخارجية المرتبطة به
٦ - عدم ثبوت ذلك التعليم إلا إذا حدثت خبرة حسية يمر فيها المتعلم مصادفة فتؤدي إلى إعطاء المعلومات الشكلية السابقة قيمتها الحقيقية.
ويلاحظ أن الخبرة العملية هي عودة إلى الطريقة النفسية، وأن مرور المتعلم خلالها وممارسته لها قد غيرت من سلوكه السابق نحو عملية التعليم وحولته من الأدبار إلى الإقبال، كما حولت عملية التعليم ذاتها من الفشل إلى النجاح.
حقا إن الطريقة النفسية بعد أن قارنا بينها وبين الطريقة المنطقية تبدو وثيقةالصلة بالرسالة التي يجب على المربي القيام بها.
البقية في العدد القادم
كمال السيد درويش
ليسانسيه الآداب بامتياز - دبلوم معهد التربية العالي