لسلوكه هدف واضح منذ البداية هو الحصول على ذلك الحيوان. ولقد انتهى السلوك بالحصول على الغاية المنشودة.
وهو لم ينته تماما لأن الخبرة التي حصل عليها من جراء ذلك السلوك هي خبرة حسية دائمة. لن ينسى قط تلك الطريقة الناجحة في الصيد. لقد جربها بنفسه فكيف ينسى؟ لم ينقطع سلوكه تماما ما دامت هذه الخبرة الحسية موجودة وقائمة، إذ أن سلوكه سيظهر من جديد محاولات أخرى للصيد تستخدم فيها تلك الطريقة أي تستخدم فيها الخبرة الماضية ويستفاد منها في الحصول على صيد أكثر بطريقة أضمن وأسهل وأسرع.
تلك هي مميزات الطريقة النفسية التي تعلم بها الإنسان الأول هذه الطريقة التي نعم التعليم يديها بخير كثير حتى نمت الإنسانية خلال القرون والأجيال وازدادت معارف الإنسان. اكتشف المعادن فحلت الحربة النحاسية محل أختها الصوانية الحجرية، ثم ظهرت الطلقة النارية فحلت محل الحربة النحاسية. وظهر المعلم في المدرسة ووكل إليه أمر الناشئين هؤلاء الذين لا يعلمون أمر دنياهم ولا من سبقهم فيها شيئا. ولم يتردد المعلم في التعليم. ولكن كيف لجأ إلى نفس الطريقة التي لجأ إليها الأب حين سأله ابنه وهما خارجان للصيد معاً:
كيف أصطاد؟ ففكر الأب وقال في نفسه: (أأترك ولدي ليقع في الخطأ الذي وقعت فيه من قبل فيجرحه الحيوان وقد يقتله أم أزوده بخبرتي حتى ينتصر بطريقتي؟ لا، سأنصحه وسأسدد خطاه. عند ذلك التفت إلى ولده قائلا: خذ هذا الحجر وضرب به من بعيد، أو خذ هذه الطعنة واطعن بها، فهكذا أوصانا الآباء عن الأجداد.
هذه هي الطريقة وما أسهلها. يعطيه خلاصة المجهود الذي بذله في سنوات، والذي بذله الآباء والأجداد في آلاف السنين، يعطيه إياه خلال كلمة أو كلمتين. ألا يكون بهذا قد وفر عليه ضياع جهوده في تجارب فاشلة قد وقع هو فيها من قبل؟
تلك هي الطريقة المنطقية، أو هكذا اصطلح العلماء على تسميتها، هي طريقة إعطاء الخلاصة والنتائج مباشرة للناشئين. ولو نظرنا إلى موقف الابن بعد أن تسلم الحربة وبعد أن طلب إليه أن لا يصطاد إلا بها لوجدنا أنه في حاجة إلى توضيح. لقد طلب إليه ألا يصطاد إلا بها وبوده لو ترك لحربته فيصطاد بيديه ويهجم بجسمه هو ليشعر في قرارة