ما كل يتمنى المرء يدركه ... تأتي الرياح بما لا يشتهي السفن
غارة:
في أواخر القرن الرابع الميلادي وفي خلال القرن الخامس تعرضت أوربا لغارة عنيفة جاءت عليها من الشرق، ذلك أن قبائل (الهون) وهي قبائل مغولية كانت تسكن وسط آسيا بدأت تتحرك غربا وتدفع أمامها غربا الشعوب والقبائل التي تصادفها، وقد صادفت في طريقها القبائل التيوتونية أو الجرمانية فدفعتهم أمامها حتى استقروا في المنطقة بين نهري الربن والفستيولا من وسط أوربا. ومنذ ذلك التاريخ استقر الألمان في تلك المنطقة.
كان الجرمان يعيشون قبائل مستقلة، وكان نظام حكمهم ديمقراطيا فكان أحرار كل قرية يشتركون في غدارة شؤونها، وكانوا يمتازون بفروسيتهم وشجاعتهم ويعيشون على الرعي والزراعة والصيد.
وامتاز الجرمان أيضا بضخامة أجسامهم وبقوة بنيتهم وبولعهم بالحرب والخمر والميسر حتى بلغ بهم الأمر أنهم كانوا يقامرون بنسائهم وأولادهم.
وقد ظل الألمان على وثنيتهم فترة طويلة من الزمان ثم دخلوا في المسيحية في بدء العصور المتوسطة.
ولست أحب أن أتعرض بالتفصيل لتاريخ ألمانيا ولكني أحب فقط أن من يدرستاريخ الألمان يشاهد ظاهرتين بارزتين:
أولا: تأخر قيام دولة موحدة في ألمانيا، إذ تم ذلك في سنة ١٨٧٠ منذ ثمانين عاما تقريباً، ويرجع السر في ذلك إلى أن القبائل الألمانية كونت ولايات مستقلة وظلت هذه الولايات تعمل على المحافظة على استقلالها. صحيح أنه في فترات مختلفة من التاريخ قامت دول وإمبراطوريات تضم جميع ألمانيا بل وكثيرا من الدول الأوربية، ولكن الدولة الألمانية الموحدة توحيداً كاملا لم تقم إلا سنة ١٨٧٠
ثانيا: امتاز تاريخ ألمانيا بظهور أبطال عظام تقمصت دولتهم في شخصيتهم، وتقمصوا هم في شخصية دولتهم، أمثال فردريك الأكبر، بسمارك غليوم، هتلر.
وإننا ما نزال نذكر أن الناس كانوا يتحدثون عن هتلر كانوا يقصدون ألمانيا فكان اسم هتلر مرادفا لاسم ألمانيا. ولكن أهم من ذلك أن الألمان كانوا ينزلون لهؤلاء الأبطال عن كثير