وراء الرغيف، غير مستقر في مكان، لأنه لا يملك أرضا يستقر عليها.
هنالك في أرياف العراق (٤٤٩) مدرسة للبنين، عدد طلابها (٨٢١٢٨)، وعدد معلميها (١٤٨٩)، وفي ذلك أيضا مدارس للبنات عددها (٢٤) مدرسة، وعدد طالباتها (١٤٠٨) ومعلماتها (٧٩) معلمة.
وفي المدن العراقية مدارس للبنين والبنات يبلغ عدد طالباتها وطلابها (٧٨١١٨)، وعدد المعلمات والمعلمين (٣٠٣٠)
ونحن إذا ألقينا نظرة دقيقة على هذه الأرقام، وجدنا أن مدارس القرى تزيد في عددها على مدارس المدن بمقدار (٨٢) مدرسة، ووجدنا طلاب المدن وطالباتها يزيدون على القرى بمقدار (٣٤٤٨٢)، وأن زيادة عد المعلمات والمعلمين تبلغ (١٥١٧) أيضا.
ونخلص من هذه المقارنة بنتيجة تهز مشاعرنا هزا عنيفاً شديدا، ذلك أننا نجد سبعين في المائة من سكان يملئون ريف العراق لا يقام لهم وزن، ولا يحسب في توزيع عدالة التعليم بين أبناء الشعب، وإنما على النقيض من ذلك يعطى الاهتمام لمن يعيشون في المدن وعددهم اثنتان وعشرون في المائة من السكان، وذلك يستدعي من المسئولين تبديل نظراتهم إلى التعليم الريفي، وإعطاء ما يستحق من الاهتمام، لأن الفلاحين يؤلفون هيكل الأمة العظمى، ولا حياة لجسد هيكله العظمى غير سليم.
والمساكن في الريف تتألف من بيوت حقيرة صغيرة مبنية من القصب، أو اللبن أو الطين، بغير ترتيب، فهي ضيقة لا يدخلها النور والهواء، يعيش فيها الإنسان جنبا إلى جنب مع الحيوان، طرقها معوجة تكثر فيها الحفر والأكوام الأوساخ، والبرك التي تنتشر منها الروائح الكريهة، وعلى الرغم من سعة الأراضي في العراق، فإنها متلاصقة، دون نظام وخالية من المرافق
العامة.
وحالة العمال الذين يعيشون في المدن وضواحيها لا يقل في سوئها عن الريف. فإن الزائر الذي يزور بغداد، ويعرج على محلة (الشيخ عمر)، و (باب الشيخ) و (العاصمة)، ووراء سدة (ناظم باشا)، وغيرها من الجهات، يؤسفه اشد الأسف أن يرى هذه الألوف العديدة من أبناء البلاد، في هذا الوضع السيئ على الرغم من أنهم يعيشون ضمن حدود أمانة العاصمة