الحياة. وخذ ما شئت في أثناء هذه المجالس من أدب رائع، ومن نادرة طريفة، ومن حاضر نكتة قل أن تسخو بمثلها الأذهان.
ولقد كنا نقضي معاً عامة الصيف في مدينة الإسكندرية. ولعل من أسعد هذه الأصياف ذلك الذي قضيناه معاً في فندق في ضاحية المكس خالصين للرياضة ومراجعة الكتب في مختلف الآداب، لا ننحدر إلى صلب المدينة إلا لقضاء سهرة مونقة مع آثر الصحاب. كما عشنا معاً في شتاء سنة ٩١١، ٩١٢، بضعة أشهر في دار استأجرناها في حلوان.
وفي سنة ١٩١٠ قلد في ديوان (عموم) الأوقاف منصب رئيس قسم الإدارة والسكرتارية، وفي يناير من سنة ١٩١١ عينت في (قلم السكرتارية). وللمويلحي في هذا التعيين سعي غير منكور. وبهذا أصبح لي رئيساً، كما كان لي أستاذاً وصديقاً.
ولقد ظل الود بيننا موصولاً حتى قبض إلى رحمة الله.
نشأته ودراسته:
هو السيد محمد المويلحي بن إبراهيم بك بن السيد عبد الخالق المويلحي. أصلهم من مرفأ المويلح ببلاد العرب، هبط جدودهم مصر من زمن غير قصير، وكانوا يتجرون في صناعة الحرير، وهم أهل نعمة وثراء. ولقد أتلف أبوه إبراهيم كل ما كان في يده من الأموال فلم ينزلق عنه لبينه إلا نطافٌ من الاستحقاق في بعض الأوقاف.
وما أحسب محمداً تجاوز في الدراسة المنظمة التعليم الابتدائي. ثم جعل يتعلم على أبيه، ويكب على قراءة الكتب في العلوم والآداب، ثم اتصل بأئمة العلماء وأقطاب أصحاب الأدب من أمثال السيد جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، والشيخ حسين المرصفي، ومحمود باشا سامي البارودي، وغيرهم من أعلام عصره فحذق العربية وبرع فيها، وجود البيان أيما تجويد، وهيأ له جِدُّه واضطرابه في أسفاره بين الشرق والغرب تجويد اللغات الفرنسية، والتركية، والإيطالية، كما أصاب حظاً من الإنكليزية واللاتينية. وكان كثير القراءة إلى غاية الممات، فلا تكاد تقتحم عليه إلا رأيته يعالج بالتنسيق حديقته، أو يقرأ في كتاب عربي أو في كتاب يجري في إحدى هذه اللغات.
ولقد سألته ذات يوم عن أحسن الفرص التي هيأت له أعظم حظ من العلم فقال: كنت في الأستانة في ضيافة رجل فاضل يدعى سليمان أفندي، وكان عنده مكتبة تعد من أفخر