للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لقتال المجر والمعاونة على إجلائهم، وعين مكاناً للقاء الفريقين؛ فالتقت الجموع المتنافسة من العرب والمجر ونشب بينهما قتال هلك فيه كثير من الفريقين، ثم اشرف كونراد بجموعه ومزق البقية الباقية من الفريقين قتلاً وأسراً، وتضع الرواية تاريخ هذه الواقعة في سنة ٩٥٢م؛ ولكنها لا تعين مكان حدوثها.

ومنذ منتصف القرن العاشر يأخذ نجم أولئك العرب المستعمرين المغامرين في الأفول، وتضمحل سيادتهم في تلك الأنحاء؛ بيد أنهم لبثوا مدى حين بعد ذلك يحتلون كثيراً من مواقع سافوا؛ ويجوبون أنحاء سويسرا كلها في طلب الغنيمة والسبي. وقد اعتادوا على حرب الجبال وحذقوا أساليبها؛ وبلغوا في توغلهم في سويسره مدينة سان جال على مقربة من بحيرة كونستاس، وانشأوا ثمة كثيراً من القلاع والأبراج التي ما زالت تقوم منها إلى اليوم بعض الأطلال والبقايا، ولبثوا حيناً في سان جال، حتى حشد رئيس ديرها حوله جمعاً من المقاتلين الأشداء، وفاجأوا العرب في جوف الليل ومزقوهم قتلاً وأسراً، وبذلك خفت وطأة الغزوات العربية في شمال سويسرا.

واستمرت المستعمرات والمعاقل العربية في دوفينه وبروفانس وبعض جهات الألب؛ وكان قربها من (فركسنيه) أمنع المعاقل العربية يمدها بأسباب الجرأة والعون، ويمدها قربها من البحر دائماً بإمداد جديد من المتطوعين والمغامرين من ثغور الأندلس وأفريقية.

في ذلك الحين كان أعظم أمراء النصرانية أوتو الكبير (أوتون) ملك ألمانيا، وكان أعظم أمراء الإسلام عبد الرحمن الناصر خليفة الأندلس؛ وكان للناصر مع معظم أمراء النصرانية، من إمبراطور بيزنطة إلى ملوك الشمال والغرب، علائق سياسية منظمة؛ وكانت له مع أوتو الكبير علائق ومراسلات. فلما رأى أمراء غاليس أنهم لا يستطيعون رد العرب عن أملاكهم وأراضيهم، سعوا إلى الإمبراطور أوتو زعيم النصرانية أن يعاونهم بمفاوضته الناصر زعيم الإسلام في إنقاذهم من هذا النير المزعج؛ وكان المفهوم دائماً أن حكومة قرطبة تحمي هذه المستعمرات العربية النائية وتمدها بعونها الأدبي على الأقل. فعول الإمبراطور أوتو على السعي لدى الناصر في تحقيق هذه الغاية؛ وأوفد إليه في سنة ٩٥٦ سفارة على رأسها حبر يدعى (جان) فقصد إلى أسبانيا عن طريق فرنسا، ووفد على قرطبة يحمل بعض التحف والهدايا طبقاً لرسوم العصر، واستقبل بحفاوة بالغة وأنزل في

<<  <  ج:
ص:  >  >>