للحديث عن الحركة الوطنية (بين حابي وديون وزينون)، وثانيهما التلميح إلى وفاء شرميون للملكة. . . وإذن فقد وفق في الإفادة من هذه الحادثة، وبعد ذلك تظهر هيلانة. فيمهد شوقي في كلمة لامحة من حابي، لعاطفة الحب التي استغلها في توضيح جانب عاطفي من الملكة، وجانب الوفاء من هيلانة للملكة. . ثم همس زينون لنفسه وتجاذبه أطراف الحديث مع حابي، والتمهيد من هذا للإيحاء القوي، الذي أراد شوقي أن يبسطه على الجمهور، فهو كما سنرى يحاول أن يضع في شخصية الملكة شيئا يشبه المغناطيسية الجنسية، ابرز تعلق زينون - وهو شيخ - بها. . . ثم افتتان حبرا الساحر بفتنتها، حين تغني بجمالها وتغزل. . بدلا من أن يرجم لها بالغيب. . ناهيك عما صوره من وله أنطونيو بها. . . مما لا مزيد عليه، ثم عطف أونبيس بعد ما أبدى بغضه، وشدة إخلاص وصيفاتها، وشاعرها، ومضحكها. . . حتى لقد كان شوقي أن يخلق لنا دراما أخرى في طيات الدراما الأصلية ليحقق هذا الغرض - غرض وصف إخلاص خدمها لها - ونقصد به، أي بالدراما الأخرى، انتحار هيلانة، رغم وجود عاطفة بينها وبين حابي. . ولكنه استدرك استدراكا - ليته ما استدركه - فلقد تخبط فيه بعد أن حله بمعجزة. . .! (معجزة حقة النجاة التي أعطاها أوبيس لحابي حتى تنجو هيلانة بعد ذلك. .) ويكفي هذا المنظر لنعلم إلى أي حد كان شوقي حريصا على أن تكون الحادثة التي يردها مؤدية إلى أهدافها التي يرمي إليها، فطبيعة الحوادث كانت منتقاة خاصا، في شيء كثير من الاصطناع والتعمل، الأمر الذي يبعد المسرحية عن الجو الواقعي الطبيعي إلى حد كبير. .
زد على هذا الخطأ الذي ارتكبه في اعتماده على المعجزة كما قدمنا
ب - طبيعة الحوار:
يتميز الحوار في مسرحية كليوباترا بقوة في واقعيته وطبيعة تكوينه حينا، ويضعف في واقعيته وطبيعته حينا آخر. . ومرد هذه الذبذبة بين القوة والضعف شيء واحد، وهو تمكن شوقي من ناصية النظم. . .
إذ أنه عندما يستهويه معنى من المعاني يخرج عن طبيعة الحوار، إذ يغربه ذلك بالاسترسال، فيطيل إطالة غريبة شاذة عن الواقعية في فاعلية الحوار، وحركته الجدلية الطبيعية، وتجاوبه المألوف. . خذ مثلا حوار أوروس وانطونيوس ابتداء من ص ٥٨، فإن