مشاركة أوروس في الحوار لا تتعدى خمسة أبيات على حين أربت أبيات انطونيوس على السبع صفحات. . . لا لشيء إلا لأن شوقي يريد أن يفرغ جعبته من الألفاظ الحربية المستمدة من الثقافة العربية الصرفة، غير بال بخرقه لقواعد المنطق السليم فيما يكون بين المتحاورين. . . على حين أنه - كما قدمنا - كان يمتلك ناصية الحوار حتى ليصل به إلى قوته الواقعية بنفس الملكة - ملكة النظم. . .
فنراه مثلا يدير دفة الحوار في سرعة، وتجاوب، وتفاعل. . . فلا تزيد العبارة عن لفظة، ويكتمل المعنى في كل ذلك، ومثلنا على ذلك الشواهد التالية:
يا ابنتي ودي هلما زيناني للمنية
غسلاني طيباني بالأفاويه الزكية
ألبساني حلة تعجب أنطونيو سنية
من ثياب كنت فيها أتلقاه صبية
ناولاني التاج تاج الشمس في ملك البرية
وانثرا بين يدي عرشي. . الرياحين البهية
. . . إنما نرى أن شوقي قد ركز شاعريته على الفصل الرابع فهو قد كان يعلم - وهو الشاعر المقتدر الأريب - مبلغ تأثير خواتيم الأحاسيس في النفوس
لقد كان يعلم أنه - لا بريق الفظ ولا رنين الجرس، ولا تصوير عظمة الملك. . . بأدوات كافية لإثارة العطف على البطلة. . وإنما يحدث هذا التأثير تصوير جوانب الضعف الإنساني
ج - لمحات نفسية:
ج - الفنان الذي يقدم للمسرح إنتاجه مطالب من الوجهة النفسية بشيئين:
أولهما: الفهم العميق للحركات النفسية لأبطال مسرحيته، وثانيهما التنبه لمواد التأثير في نفوس النظارة، الذين يتلقون هذه المسرحية بما يتفق والغرض الذي يرمي إليه من إثارة نفوسهم. . . وبمعنى آخر، فيما يتصل بموضوعنا. نريد أن نقول إن شوقي مطالب - إلى جانب فهمه لشخصيات أبطاله - بأن يوجه أدوات التعبير وجهة تأثيرية قوية، على من يطمع في رضائهم عن أبطاله، بما يحقق هدفه. . . وهدف شوقي في هذه المسرحية، فيما