وخارجة عن تحكم الجسم. . فالجسم الإنساني يتكون من مجموعة من الخلايا تنجم عن انقسام خلية ثم انقسام أجزائها. . ثم انقسام هذه الأجزاء. . وهكذا إلى أن يتم نمو الإنسان. فإذا تصورنا أنه ليس من قوة تحكم هذا النمو. . فإننا نحصل في النهاية على مجموعة من الخلايا لا شكل لها. وإذا افترضنا أن إحدى الخلايا ابتعدت لسبب ما عن اتصالها العصبي وهي لا تزال حية وفي موضع يمكنها أن تحصل فيه على غذائها من السائل الدموي، فالذي يحدث هو أنها تأخذ في النمو والانقسام وتكبر في الحجم وتغير على جاراتها من الخلايا العادية. وهذا ما نسميه (بالتضخم البغيض) أو (التضخم القاتل). . هذا هو السرطان الذي يحطم الخلايا العادية المجاورة وينتشر خلال الأوعية الليمفاوية وينطلق في مسرى الدم غلى سائر الجسم!.
يدرك الطبيب أن دملا صغيرا هو تضخم بغيض بسبب أعراض معينة فيقول لنفسه: فلأبتره قبل أن يشق علي أن أعالجه. . وقبل أن يبتدئ في مكان لا يمكنني فيه أن أبتره من إتلاف عضو حيوي. . أبتره سريعا قبل أن يغدوا حرا وينتشر في سائر الجسم. . إلى الرئتين. . أو إلى العمود الفقري. . أو عظام الساق. . أو الصدر. . أو الكبد أو أي مكان آخر حيث لا يمكنني أن أزيله تماما دون أن اقتل المريض! هذا هو السبب الذي من أجله ننصح الناس دائما بان يستشيروا طبيبهم حالما يرون دملا غريب الشكل!. وها هو السبب الذي من أجله نتألم تقول لنا السيدة إن لديها تضخما منذ ستة اشهر ولكنها لم تشأ أن تخبر بأمره أحدا. . ستة أشهر أضاعت خلالها على نفسها فرصة العلاج السريع لأنها أبت أن تكاشف أحدا بمرضها!.
كانت هذه هي الحالة التي جاءتني عليها نادية وكانت مخطوبة إلى ابن خالتها. . وراحت تنتظر معه اليوم الذي يربطهما فيه الرباط المقدس. . ولكن هذا اليوم السعيد الذي تتحقق فيه المنى لم يحدث أن أقبل أبدا! العاطفة المشبوبة. . واللهفة والحنان. . كل أولئك لم أعرفه في غير هذين الخطيبين! كان يحب أحدهما الآخر حبا يتضاءل أمامه كل حب رأيته أو سمعت به. . وكان الوفاء الذي يستخف بالتضحية. . وتهون عليه الصعاب هو ذلك الوفاء الذي يعشعش في صدري هذين العاشقين الصغيرين!. رأيت ذلك عن قرب ولمسته في الوقت القصير الذي قضياه في عيادتي!. أبدا لم أسمع في حياتي أرق من ذلك الصوت