تعطيل مجلة الرسالة، وتصادف أني كنت أزور محمد محمود فاخبرني بما حدث، وطلب منا أن نذكره في اليوم الثاني بالموضوع في مكتبه برياسة مجلس الوزراء!
وقبل أن يذكره أحد بالموضوع. . كتب بخطه الأمر التالي:(يجب أن تشترك وزارة المعارف في مجلة الرسالة، وأن تعطي إعلانات حكومية أسوة بباقي المجلات)!
وسلم الأمر إلى سكرتيره وهو يقول لي: هذا هو العقاب الذي أنزلته بمجلة الرسالة. .)!
هذه هي الإشارة العابرة التي وردت في كلمة الأستاذ مصطفى أمين عن مقال الأستاذ الزيات. إنها تعطيك فكرة ضخمة عن كبرياء محمد محمود وعراقة مصريته وأصالة قوميته، وبقى أن أحدثك أنا عن موقف الأستاذ صحاب الرسالة حديثا يحدد مكانة في نفسك ويقدم شخصه إلى حكمك وحكم الناس. ولقد دفعني إلى هذا الحديث أن الأستاذ مصطفى أمين بك قد مر بهذا الموقف مسرعا كما قلت لك وكان يجب أن يطيل الوقوف، وتعرض له موجزا وكان يجب أن يطنب ويفيض! لقد نسى الأستاذ مصطفى أمين بك أن مقال الأستاذ صاحب الرسالة كان يدور حول الموضوع نفسه الذي دارت حوله حملة (آخر ساعة) ضد نادي الفروسية وضد الكبراء الذين يتعالون على الشعب ونسى مرة أخرى أن يقول لقرائه إن الزعيم المصري العظيم محمد محمود قد وقف من الأستاذ الزيات نفس الموقف الجليل النبيل، حين طلب إليه أن يقدمه إلى القضاء فرفض هذا الطلب في إصرار وإباء. . . ونسى مرة ثالثة أن يقص على قرائه قصة مادي الفروسية التي ألهبت شعور الزيات وأثارت قلمه وأخرجت إلى الناس أعظم مقال كتب في تاريخ الكرامة المصرية!!
لقد حدث أن ذهب المغفور له محمد محمود باشا يوما إلى نادي الفروسية وهو رئيس للوزراء عام ١٩٣٩، فوقعت عيناه على لوحة على الباب الخارجي تحمل إلى الزبائن هذه الكلمات:(منوع دخول الفلاحين). . . وثار الزعيم العظيم وهتف وهو يدق الباب بقدمه ويفتح على مصراعيه:(إن حكومة جلالة الملك لا يمكن أن تسمح بإعادة الطبقات. نحن هنا في بلد ديمقراطي، وكل المصريين سواء، وجلالة الملك يضرب كل يوم أعظم الأمثال في ديمقراطيته ومصريته. أنا فلاح وابن فلاح، وأفخر بأن أكون كذلك. . والفلاح هو عماد هذه البلاد وفخرها، وإذا كان بين أعضاء (نادي الفروسية من لا يعجبه هذا الكلام فليرحل عن بلاد الفلاحين)!