وقامت بتمريضها خير قيام وأظهرت عناية فائقة بها مما أفعم قلب الزوج بحب زوجته لما تبين فيها من نبل ووفاء. وفي هذه الأثناء عاد الزوج إلى منزله وإذا به يتقدم من المكتب ويفتح درجا معينا فيجد الكتاب المفقود
إن الميل إلى نسيان الأشياء التي لا يحبها الإنسان شيء عام، وما الانكارات والتكذيبات التي يصادفها الطبيب أثناء عمله إلا إحدى نتائج هذا الميل. فمثلا جاءت أم إلى فرويد وعرضت عليه ابنها العصبي وفي أثناء حديثها ذكرت له أن الولد يتبول تبولا لا إراديا أثناء الليل، وأن أخوته وأخواته كانوا مثله أيضا، ثم مرت عدة أسابيع وحضرت الأم فسألها (فرويد) عن بعض الأشياء ومن بينها مسألة (البول) وإذا بها تنكر هذه الواقعة بالنسبة للمريض وبالنسبة لأخوته وتعجب وتتساءل: من أين عرفت هذا؟! وهنا ذكرها فرويد بسياق الحديث السابق الذي دار بينهما وظهر أنها هي التي صرحت بذلك!
وإن (دارون) يؤيد قول (فرويد) بأن الأشياء المؤلمة تكون أسرع إلى النسيان من غيرها. فهو يذكر أنه يسير على قانون ذهبي يتلخص في أن يأخذ مذكرة بكل واقعة أو فكرة أو ملاحظة جديدة تنشر وتكون معارضة نتائجه العامة. فقد اتضح له من تجاربه أن مثل هذه الوقائع والأفكار أكثر فرارا من الذاكرة عن الوقائع والأفكار المحببة إلى الشخص
وهكذا يأتي (فرويد) بهذه النظرية الجديدة لتفسير النسيان، فهو في نظره إنما يرجع إلى اضطراب في الانتباه منشؤه دوافع لا شعورية تعمل على إبعاد الأفكار التي توقظ شعورا مؤلما. فكل عملية عقلية يصحبها قدر معين من الطاقة النفسية فإذا زاد هذا القدر إلى حد كبير فإن الشخص يشعر بعدم الارتياح، ولذلك يوجد ميل دائم إلى تصريف هذه الطاقة حتى يتجنب الألم ويمنع نشوب التوتر النفسي. فإذا حدث أن حلت عملية عقلية معارضة لمؤثرات أخرى واصطدمت بالنشاط الترابطي المعتاد فإن هذه العملية العقلية تفصل وهذا دفاع شبيه باستجابة الهرب لمنبه مؤلم
ان الميل لنسيان ما هو مكدر وغير سار شيء ضروري ولازم لكل إنسان يعيش على سطح البسيطة. . إذ أنه لا يستطيع الخلاص من حدوث أشياء مؤلمة تنغصه. . كما لا يقدر على التحرر من الانفعالات الشديدة الناجمة عن تأنيب الضمير أو الشعور باللوم والخجل. . أو الإحساس باقتراف الإثم واستحقاق العقاب