في الجلاء عن البلاد التي تحتلها وذلك لأنها تعلم ما يبيت لها الحلفاء
وجدير بنا أن نبحث عن أسباب هزيمة ألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية. أكان ذلك لضعف ألمانيا أم لنقص في شجاعة جنودها؟ الواقع أن قوة ألمانيا كانت عظيمة وكان استعدادها هائلاً، وخططها مرسومة منظمة، ومن ثم نجح الألمان في السيطرة على غرب أوربا بسرعة عجيبة أفزعت الناس أجمعين. وما زال الناس يذكرون كيف استولت ألمانيا على الدانمرك والنرويج من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب في ليلة واحدة. الواقع أن السر في هذا النجاح راجع إلى دقة الخطط الألمانية وحسن تنظيم قواتها
إذن فما سبب هزيمة ألمانيا؟ يرجع سبب هزيمة ألمانيا إلى عاملين: أولاً غدر روسيا بها، فقد عقدت روسيا ميثاق عدم اعتداء بينها وبين ألمانيا قبيل قيام الحرب الأخيرة ١٩٣٩، فلما اطمأنت ألمانيا على حدودها الشرقية دخلت الحرب ولاقت قواتها نجاحاً رائعاً لم يشهد له التاريخ مثيلاً. لقد خطب هتلر في القوات الألمانية قائلا (أنتم تقررون مصير ألمانيا مدى ألف عام)
واندفعت القوات الألمانية فاستولت على هولندا وبلجيكا وفرنسا في مدى شهر من الزمان أو أقل؛ ثم استولت على الدنمرك والنرويج في ليلة واحدة؛ ثم ولت وجهها شطر الجنوب الشرقي للقارة، فاستولت على البلقان
وهنا غير الدب الروسي سياسته، وطلب من ألمانيا أن تعطيه ميناء على البحر الأبيض، ولكن هتلر رفض فوقعت الحرب بين روسيا وألمانيا سنة ١٩٤٢ مما كان له أكبر الأثر في تغيير مجرى الحرب
ثانيا: دهاء بريطانيا وساستها ومقدرتهم العجيبة على الكذب والنفاق والغدر، مما لا ترى له مثيلاً في التاريخ، وسعة حياتهم فبريطانيا إذا وقعت في خطر جعلت من قضيتها قضية العالم أجمع، واجتهدت في أن تكسب الحلفاء والأنصار للدفاع عن قضيتها. ألسنا نذكر جميعا بكاء الثعلب الماكر تشر شل؟ أنه كان يدعي أنه يبكي على حرية العالم التي يحاول الألمان القضاء عليها. والتفت الأمم حول بريطانيا لأنها رأت في انتصار بريطانيا وحلفائها انتصاراً للحرية. وانتهت الحرب وإذا بتشرشل العجوز يتنكر لماضيه ويطعن الحرية التي كان يبكي عليها طعنة نجلاء. ألسنا نذكر جميعا كيف كان يشيد بالخدمات التي قدمتها مصر