للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومادامت الحدود محفوظة ولا تقوم ثورات في شمال الحجاز. وقد صفيت مشكلة الجوف نهائياً فلا أعتقد بوجود خطر من هذه الناحية. . كما أن الحرب إذا قامت في أي وقت في أوربا أو أفريقيا فأغلب الظن أن هذه الجزيرة العربية سوف لا تتأثر بقيام نزاع مسلح بين زعماء العرب.

كانت حوادث الاعتداء على حدود الأردن الصحراوية لا تزال ماثله، وكذلك حركة ابن رفادة في شمال الحجاز، وما دار بين ابن سعود وفيصل الدويش، ولكن أنظار اللورد كانت تحوم حول العراق وما قد تحدث فيه من الحوادث بعد وفاة فيصل الأول وتحت قيادة غازي الأول، كانت عيناه تتجهان يميناً شمالاً حينما ذكر العلاقة بين الملك عبد العزيز وقبائل الدولة في الشام

كل هذا لم يثن الملك عبد الله بن الحسين عن أن يذكر الحجاز، وأن الهاشميين أبناؤه وسدنته وأنه الأرض المقدسة التي يتجه لها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها: وأن توليه عرش الأردن لا يمنعه من تتبع أخبار الحجاز وآماله ومستقبله، لأن لديه بشرق الأردن عدداً من الحجازيين قد لجأوا إليه فهم يذكرونه عند كل لقاء بأن عليه أن يعمل شيئاً لهم، وأختتم كلامه بأنه لا يقدر أن يرد واحداً منهم لو جاء إليه، وأنه ليسعد أن يعطي كل ما يملك لهم وأن يقتسموا ملبسة ومأكله معه.

وكان كلامه مؤثراً في تلك اللحظة وكنت أجد متعه في نقله والتعبير عن آراءه. . لقد خرج عبد الله بن الحسين عن الملك والأمارة وأصبح إنساناً يتحدث بعاطفته وقلبه وشعوره، ولم يقف عند هذا الحد إلا بعد أن قام المندوب وشرب نخب ملك الإنجليز، والأمير الأردني واللورد بكوبه ماء احتراما للحاضرين، ودخل أفراد من فرقة القرب بكامل ملابسهم الحمراء يحيون الحاضرين بعزف بعض المقطوعات الاسكتلندية: وانصرفنا جميعاً الى الردهة الكبرى. . . حيث يسودها ذلك الجو الصليبي الذي يشعرني بأني وسط غمرات الحروب الصليبية وجنود الإفرنج وأعلامهم ورنوكهم وأسلحتهم.

أحمد رمزي

<<  <  ج:
ص:  >  >>