بقول (فرويد) ان سبب نسياننا لمرحلة الطفولة الكبت الذي يقوم بدور كبير في مرحلة التعليم المبكرة. فالاطفال يأتون وهذا العالم وهم مزدون بميول ورغبات بريئة تتناسب وسنهم، ولكن هذه الرغبات وتلك الميول لا تتفق وعقلية الكبار الذين يعملون بكل ما في وسعهم لفطم الطفل عنها وتوجيه ذهنه الى ميول اخرى. وهذا ما يسمى (بالتسامي). ومن هنا يضطر الطفل الى قمع ميوله البدائية ودفنها في اللاشعور. ولكن هذه الميول والرغبات المكبوتة لا تفقد شيئا من ديناميكيتها مدى الحياة، فاذا لم تكف طرق التسامي للتخفيف من الطاقة التي تحتوي عليها فان النفس تعمل على تصريف تلك الطاقة بشتى الطرق ولو ادى ذلك الى ظهور اعراضمرضية. فالاعراض العصابية تمثل في صورة مثيرة تحقيق الرغبات المكبوتة.
ان للنسيان اهمية بالغة في الحياة النفسية، ولذلك يقول (فرويد) ان ما يجب عمله ازاء فكرة ينقصها معنى او عمل ليس له هدف هو ان نعثر على الموقف الماضي الذي تحققت فيه الفكرة ووصل العمل الى هدف. (وكان (جانيه) يستخدم التنويم المغناطيسي ليصل الى ذلك الموقف الماضي ثم يهاجم الافكار بعد ظهورها بوسائل مختلفة كالايحاء او ايجاد عناصر منافسة لها او تحل محلها. ولكن تبين (بروير) و (فرويد) انه لا يمكن استعمال التنويم المغناطيسي في جميع الحالات واكتشفا ان اكمال الذكرى المؤلمة باعادة الجزء المنسي منها الى الشعور مع التصريف الانفعالي. . فيهما الكفاية للشفاء وزوال الاعراض. لهذا لم ياخذا بالابحاء المباشر لمحاربة الاعراض ولم يوافقا على استبدال افكار بافكار. لقد حصرا العلاج التحليلي في حل العادات المرضية وذلك باستذكار الحوادث التي نبعث منها. فيجب ملء كل الثغرات التي في ذاكرة المرضى، أي يجب استبعاد (الامنيزيا) وجعل كل ما هو لا شعوري شعوري.
اما سر زوال الاعراض بمجرد استحضار الذكريات المنسية فيرجع الى ان التحليل النفسي يحول العرض الى صورته الاصلية. هذا من جهة. ومن جهة اخرى نلاحظ ان التداعي الحر يسمح للمريض باسترجاع الذكريات المؤلمة على دفعات. فما لوحظ ان الذكرى المكدرة لا تسترجع اولا وانما تأتي الافكار التي ترتبط بهذه الذكرة. . ومنها يتدرج الى الذكرى المؤلمة حقا. وهكذا فان المريض لا يواجه ما ينغصه مرة واحدة. . بل يأخذه