الحقيقة) لذا نرى ان على الاديب الواقعي الفنان ان يلتزم هذين الجانبين في ادبه ولا يهمل (الذاتية) في نقل الواقع فيجىء نقله محايدا (ان صح وجود النقل المحايد في الادب. . ذلك لان الادراك نفسه غير محايد كما تقول نظرية الكاتب الفرنسي الوجودي سارتر).
فالواقعية الفنية تتمثل بالجانب الذاتي والموضوعي، كما تتمثل بالعناية بوساطة الادب (اللغة) وعنايتها بالغة تتم عن طريق معرفة المفردات وما توحيه كل لفظة من صور ومعان، وما تحدثه من جرس.
ومن ادب الواقعية الفنية قصة (الام) للكاتب الروسي مكسيم غوركي و (قصة انا كارنينا) للفيلسوف الروسي (ليوتولستوى) وقصة (تس سليلة ربرفيل) للشاعر القاص توماس هاردى، وتحفة غلوبير الخالدة (مدام بوفارى)، كما نجد الواقعية العنيفة تتجلى في كتاب (الايام) للدكتور طه حسين، وكتاب (عصفور من الشرق) للاستاذ توفيق الحكيم. ومن قرأ القصص لا يستطيع انكار الخصائص الفنية التي ذكرناها عن الادب الواقعي الفني.
ولعل قصيدة هوسمان الشاعر الانجليزي (الى السوق اول مرة) خير مثال للواقعية التي ذهبنا اليها، فلذا راينا ان نعرضها لزيادة الايضاح:
ـ يوم انشأت اذهب الى السوق، اوائل عهدى بالاسواق كانت الدراهم في الكيس جد قليلة
وكم طال بي النظر وكم طال بي الوقوف!
على اشياء في السوق لا تنال
ـ تغير الزمن اليوم، فلو اردت الشراء لاشتريت هنا الدراهم في الكيس، وهناك اشياء الامس في السوق ولكن يا ترى ذلك الفتى المحروم؟
ـ طالما شكا قلب الانسان لان (اثنين واثنين اربعة)
لا هي ثلاثة كما نودها حينا ولا هي خمسة كما نودها بعد حين واحسبه سيشكو الى اخر الزمان.
هذه صورة من الواقع، ولكن هل هي نقل مباشر لصور.
* *
الحياة. . مما تلمسه العين وتألفه النفس؟ هل هذه الصورة التي نقلها هوسمان هي صورة الواقع المحس فقط؟. الم يضف هوسمان شعوره وعواطفه واماله التي سرعان ما تتبدل