بوقت طويل. وبمكن تفسير اتفاقه مع الهتلربة بالخوف وربما بالوصولية، او بالانقياد والخضوع وهو الامر الاكثر يقينا. وهذا على كل حال امر ممقوت لا يحبذه احد ابدا غير انه كاف وحده للطعن في استدلال النقاد. فهم يقولون:(ان هيدجر عضو في الحزب الاشتراكي الوطني واذن فلا بد ان تكون فلسفته نازية). بينما الحقيقة على خلاف ذلك، اذ ان هيدجر لا خلق له وهذا هو كل شيء. فهل هناك من يجرؤ على الاستنتاج من هذا بان فلسفته تبرير لجبنه؟ اليس المعروف بان هنالك كثيرا من الاشخاص لم يرتقوا الى مستوى مؤلفاتهم؟ هل يجب ان نبين (العقد الاجتماعي) لان روسو كان يضع اطفاله في ملجأ اللقطاء؟ ثم ما اهمية هيدجر؟ اذا اكتشف سارتر فكرته الخاصة فيفكرة فيلسوف اخر او اذاطلب الى هذا الفيلسوف اصطلاحات فنية وطرقا كفيلة بابلاغه الى مشاكل جديدة كان ذلك دليلا على انه يعتنق جميع نظرياته؟ لقد اقتبس ماركس من هيجل منطقه الجدلي فهل يقول احد بان كتاب (رأس المال) مؤلف بروسى؟
ولنأت الان الى الوجودية فنرى هل حاول هؤلاء النقاد تعريفها على الاقل الى قرائهم؟ انهم يحاولوا هذه المحاولة لانهم يعلمونبان ذلك يورطهم في جدال فلسفي ليكلفهم مجهودا كبيرا لا يتناسب وهذه الهجمات المبتذلة التي يشنونها على الفلسفة. ومع ذلك فان هذا التعريف بسيط الى درجة كبيرة. يقول سارتر: من المقرر ـ لو استعملنا عبارات فلسفية ـ ان لكل شيء ماهية ووجودا. والماهية معناها مجموع ثابت من الخصائص؛ بينما الوجود يعني نوعا من الحضور الفعلي في العالم. والشيء الذي يعتقد به كثير من الناس هو ان الماهية تأتي اولا ثم الوجود، فالبسلة الخضراء مثلا تنبت وتستدير طبقالفكرة البسلة، والمخلل مخلل لانه يساهم في ماهية المخلل، وهذه الفكرة تنبع في الاصل من فكرة دينية. وفي الواقع ان الذي يريد ان يبنى بيتا لابد ان يعرف بالضبط اى نوع من الاشياء سيبدعه. فهنا ايضا نجد ان الماهية تسبق الوجود وهذه الفكرة موجودة لدى كل الذين يعتقدون بالله وبانه خلق الانسان، اذ لابد ان يكون قد قام بهذا العمل وفقا للفكرة او المفهوم الذي كان لديه عن الانسان. غير ان بعض المفكرين قد قالوا بالالحاد مع محافظتهم على هذا الرأى التقليدي، وهو (ان الشيء لا يوجد ابدا الا وفقا لماهيته).
وكان جيل القرن الثامن عشر باجمعه يفكر بان هنالك ماهية مشتركة بين جميع البشر