للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يبتهج بالاعتماد على نفسه وحدها وبالعمل وحيدا لخير الجميع.

وبعد فهل تلام الوجودية على انها تؤكد الحرية الانسانية؟ يقول سارتر مخاطبا النقاد: انكم جميعا بحاجة الى هذه الحرية، وما اراكم الا واضعين النقاب عليها مراءاة ونفاقا لانكم تعودون اليها بدون انقطاع رغما عنكم. يقوم احد الناس بعمل شرير فتفسرونه باسبابه وبموقفه الاجتماعي ومصالحه الخاصة وتسخطون عليه فجأة وتؤاخذونه على مسلكه بمرارة. بينما يوجد على العكس اناس اخرون تعجبون بهم وتتخذون افعالهم نماذج تسيرون بموجبها. فماذا يعنى كل هذا؟ هل يعني سوى انكم لا تساوون بين الاشرار وبين دودة الكرم. . ولا بين الطيبين وبين الحيوانات المفيدة؟ انكم تلومونهم او تمدحونهم لانهم كان بوسعهم ان يفعلوا غير ما فعلوه وبذلك تفترضون فيهم الحرية من غير ان تشعروا.

يقول سارتر ان نضال الطبقات حقيقة واقعة لاشك فيها؛ وانه يساهم فيها بصورة تامة. لكن كيف يمكن وضع هذه الواقعة على مستوى غير مستوى الحرية؟ اننا نرى ان الشيوعيين يتهمون سارتر واقرانه ويقولون لهم انكم بافيون الحرية هذه تمنعون الانسان من ان يكسر عنه قيوده. غير ان هذا الكلام يدل على سوء فهم تام للحرية التي ينادى بها سارتر ـ فهو عندما يقول بان العامل العاطل حر لا يعنى بانه يستطيع ان يفعل كل ما يروق له وان يتحول في لمح البصر الى بورجوازي غني مسالم. انه حر لانه يستطيع دائما ان يختار قبول نصيبه باستسلام او ان يتمرد على هذا النصيب. حقا انه قد لا يتوصل الى تجنب الشقاء غير انه يستطيع ان يختار من صميم هذا الشقاء الملتصق به النضال ضد جميع انواع الشقاء، باسمه وباسم الاخرين جميعا. . انه يستطيع ان يختار نفسه كانسان يرفض ان يكون الشقاء نصيب البشر.

فهل سارتر خائن اجتماعي لانه يستدعي احيانا هذه الحقائق الاولية؟ يقول سارتر لقد كان ماركس اذن خائنا اجتماعيا لانه قال: (اننا نريد تغيير العالم)، فعبر بهذه الجملة البسيطة على ان الانسان سيد مصيره. سيكون هؤلاء النقاد جميعا اذن خونة اجتماعيين لان هذا هو ما يفكرون به في الواقع عندما يخرجون من حدود المذهب المادي الذي ان كان قد قدم خدمات لا يمكن نكرانها فانه قد شاخ ولم يعد يصلح لهذا العصر. اما اذا كانوا ينكرون هذه الحقيقة الاولية فسيكون الانسان لديهم شيئا مثل باقي الاشياء تماما. سيكون قليلا من

<<  <  ج:
ص:  >  >>