للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يسرى عن نفس صديقه المريض فسأله عن صحته فقال الأستاذ عبد الرحيم: إنني لا اشعر الآن بمرض بل بوافر الصحة وكيف أحس بالمرض ومعالي الدكتور وزير المعارف بجانبي؟ فقال معاليه: لا تقل هذا ولكن قل: إن الشيخ طه حسين يزور صديقه وزميله الشيخ عبد الرحيم.

ثم أخذا يتبادلان بعض الفكاهات الأدبية وكان ختامها وصية الدكتور له بعدم مغادرة المستشفى حتى تكتمل صحته فقال الأستاذ عبد الرحيم: إني لا أخرج من هنا حتى تكون صحتي مثل الحصان، فضحك معاليه وقال: بل أريد ان تكون صحة الحصان مثلك.

ولم تنقطع استفسارات معاليه عنه يوما واحدا حتى سافر إلى أوربا وكان لا يطيق غياب سكرتيره الخاص فريد شحاتة ولا يغفره له إلا إذا كان في زيارة الأستاذ عبد الرحيم ويحاسب هيئة مكتبه إذا قصر أحدهم في زيارته ويسأل كل زائر له في المكتب يكون له بالأستاذ صله عن صحته.

وقد كان عليه رحمة الله - أحب شخصية إلى قلب معاليه لا يمل مجلسه ويستزيده منه، ويخصه بالإقبال عليه مهما عظمت شخصية زائريه.

وقد ذكر لي الأستاذ يوما أنه بعد نجاح الدكتور طه في الدكتوراه حضر إليه في منزله ليقدم له الشكر على معاونته ومجهوده فقال له الأستاذ: إنني لا أريد شكرا بيننا. وبعد أكثر من ثلث قرن ذهب عبد الرحيم إلى منزل معاليه ليشكره على مجهوداته في مصلحه خاصة له فقال معاليه: لقد اتفقنا على ألا شكر بيننا فأين ذلك الشاعر الذي سمع بالوفاء منذ القدم وأتعب نفسه بالبحث عنه بين الناس فلم يجده لأدله على مكانه وموضعه وأشير له إلى معالي الدكتور طه حسين باشا حتى يريح نفسه ويريحنا من قوله:

سمعتقديمابالوفاءو ليتني علمتعلىالأيامأينوجوده

ابراهيم أحمد الوقفي

الأستاذ عبد القادر رشيد الناصري شاعر رقيق الديباجة فياض القريحة، وناثر مستيقظ الذهن سريع اللفتة، مطواع القلم لا يحب أن يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا غمزها بسنان قلمه، وطعنها بشباة رأيه وهو - في ما يبدو لنا من خلال تعليقاته المتلاحقة على كل شاردة وواردة وتصويباته المتتابعة لكل هينة وبينة - أديب مجتهد مسرف في الإطلاع مدمن

<<  <  ج:
ص:  >  >>