للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

النظامين: الرأسمالي والشيوعي ويتقي عيوبهما جميعا.

وهو بهذا نظام مستقل، تشبهه الرأسمالية أحيانا وتشبهه الشيوعية أحيانا، ولكنه ليس واحد منها بكل تأكيد، ونحن لا نكذب عقولنا، ولا نكذب حقائق النظام الإسلامي الواضحة لنقول مع دعاة الشيوعية: إن الإسلام رأسمالي، أو أنه لا يمكن أن يكون نظام ما إلا نظاما رأسماليا، أو نظاما شيوعيا، ولا ثالث لهما في الواقع ولا في التفكير، كما يقولون في تحجر، ثم ينتظرون منا أن نسلم لهما بما يقولون!

هنالك إذن فكرة ثالثة لنظام اجتماعي ثالث، يمكن أن تقوم على أساسها الكتلة الثالثة، فتكون لها كل مقومات الكتلة المستقلة، وليست هي بحاجة إذن إلى الاندماج أو الفناء في إحدى الكتلتين، أو في إحدى الفكرتين.

هذه الفكرة الثالثة ليست مجرد عقيدة دينية - كما يريد بعضهم أن يتصور - إنما هي نظام اجتماعي كامل يقوم على هذه العقيدة؛ بل نظام إنساني شامل يحدد العلاقات بين الأفراد والجماعات، وبين الشعوب والحكام، وبين الدولة والدول في المجتمع الدولي، والمحيط الإنساني. . وهذه مزيتها الكبرى. ميزتها أن توحد بين عقيدة الفرد ونظام المجتمع، وشكل الدولة، وعلاقات البشرية. فإذا نفذ الفرد عقيدته، فهو في الوقت ذاته يؤدي واجبه - بهذا التنفيذ - كفرد في جماعة، وفرد في دولة، وفرد في إنسانية. بلا تعارض بين نشاطه في هذه المجالات جميعا.

والنظام الذي يقوم على أساس عقيدة، ويستمد منها وجوده وحدوده، هو نظام أقوى وأعمق وأقدر على المقاومة، لأنه يستمد قوته من داخل النفس ومن أعماق الضمير، ومن سلطان لا يعلوه في النفس سلطان.

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>