للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الشيوعية.

وإن الشيوعية لتصادر حق الملكية الفردية، وتضع كل الموارد ومرافق العلم في يد الدولة. . وميزة هذا النظام أنه يمنع كل عيوب الرأسمالية التي أسلفنا. ولكن عيبه أنه يقاوم الحوافز البشرية الطبيعية؛ ولا يحفز الفرد إلى بذلك أقصى طاقة ما دام الحد الأعلى لما يحصل عليه هو مجرد كفاية. . وقد اضطر ستالين أن يخرج على قاعدة رئيسية من قواعد الماركسية فيبيح التفاوت بين الأفراد بحسب تفاوت الكفايات، ويبيح نوعا من الملكية الفردية الشخصية، وبدأت الشيوعية بذلك تكذب نفسها في هذا وهي في أيامها الأولى! - كما أن عيب هذا النظام هو مقاومته لحرية الفرد في العمل، وحريته في الاعتقاد، وحريته في السلوك. وهي حريات قد يصبر جيل أو جيلان أو عدة أجيال على فقدها، لأنهم في معركة مع النظم الأخر، ولكن البشرية بطبيعتها لا تصبر على فقدان هذه الحريات طويلا، وإذا ماتت فيها رغبة الحرية فقد مسخت فطرتها مسخا؛ وخسرت كيانها الإنساني في سبيل لقمة الخبز كالماشية والحيوان!

فأما الإسلام فيبيح الملكية الفردية، محققا كل المزايا التي تحققها هذه الإباحة. وفي ذات الوقت يحرم وسائل الكسب التي تضخم رؤوس الأموال على حساب الطبقات العاملة أو على حساب المجتمع كله. فهو يحرم الربا، والاحتكار، ويقضي بتأميم المرافق العامة التي يشترك في الانتفاع بها الناس جميعا؛ ويجعل للعمال حقهم في نصف الربح الناتج من العمل (استنادا إلى تصرف النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر). . ثم هو يأخذ - اثنين ونصفا فيالمائة من رأس المال - لا من الأرباح - كل عام في صورة زكاة. . ثم - وهذا هو الأهم - يبيح للدولة الممثلة للجماعة أن تأخذ من رؤوس الأموال - لا من أرباحها وحدها - ما تستلزمه الحاجة بلا قيد ولا شرط تحقيقا لمبدأ (المصالح المرسلة) أي التي لم يرد فيها نص، ولمبدأ (سد الذرائع) أي اتقاء النتائج السيئة المحتملة - وهما مبدآن مقرران في الإسلام. وإلى المبدأ الأول يستند الإمام مالك في منح الحاكم حق الأخذ من أموال الأغنياء بقدر حاجة الجند إذا لم يسكن في بيت المال الكفاية. . ومثل حاجة الجند للدفاع سائر الحاجات الاجتماعية التي تبرز على توالي الأزمان.

وبذلك يتقي الإسلام كل عيوب الملكية الفردية ويبقي مزاياها جميعا ويحقق كما قلت مزايا

<<  <  ج:
ص:  >  >>