فيه الأرداف والأعجاز، والمدى تقمصت فيه شخصية الرجل ونظرت إلى المرأة بمنظاره وفكرت فيها بفكره.
وعائشة أول شاعرة تقول هذا الغزل الأنثوي المكشوف. وهي بذلك قد خرجت على العرف والمألوف. ولكنها كشاعرة لا يضرها هذا ولا ينقص من قيمتها ولا يحط من قدرها. وأي شاعر موهوب حافظ على العرف ووقف عند التقاليد؟!
وقد كررت في قصائدها الرمديات كثرا من الصور والمعاني والتراكيب. . ومثال ذلك قولها
طفا ماء الجفون وما دنت بي ... سفين الشوق من جودي الوصال
وقولها:
سفينة العين قد فازت من الغرق ... وأشرقت تزدهي من ساحل الحدق
فليس أمامها غير صورة سفينة. فتارة تقول (سفينة الشوق) وتارة أخرى تقول (سفينة العين).
ولعائشة التيمورية رثاء جيد. ولا عجب في ذلك فالمرأة بطبيعتها تجيد البكاء وتحسن العويل وبخاصة إذا أصيبت بفقد بنتها أو أبنها أو والدها أو أمها، ومن أحسن مراثيها وأشهرها قصيدتها التي رثت بها بنتها (توحيدة) ومطلعها:
إن سال من غرب العيون بحور ... فالدهر باغ والزمان غدور
ولكن يجب أن نلاحظ أن الأبيات الأولى من القصيدة فيها تكلف، وأن الشعور الداخلي فها لا يكاد يرى وأن الجزء المؤثر من هذه القصيدة يبدأ من قولها:
طافت بشهر الصوم كاسات الردى ... سحرا وأكواب الدموع تدور
بعد أن ذكرت المرض وما فعله ببنتها وتحدثت عن الطبيب الذي جاء وبشر بالشفاء، أدارت حوارا على لسان بنتها فانطقها بأبيات إذا قرأها الإنسان تحدرت منه العبرات. وهذه هو الشيء الذي أسبغ على تلك القصيدة روعة، وأكسبها قوة وضمن لها الخلود. انظر إلى قولها.
أماه قد عز اللقاء وفي غد ... سترين نعشي كالعروس يسير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي ... هو منزلي وله الجموع تصير