ويشبه موقف الزارع من النبات الموقف الذي يجدر بالمربي أن. . يقفه فالزارع لا يترك نباته حرا ينمو كما يشاء، وإلا اعوج عوده، وما استقام له ظل قط. كما أنه لا يتركه بمفرده ليقاوم آفات الزراعة من ديدان وحشرات، وإلا كان معنى ذلك أنه يتركه ليموت. وكذلك لا يجدر بالمربي أن يترك تلميذه هكذا حرا يفعل ما يشاء، ولكن ليس معنى ذلك أيضا أن يقيد حريته ليتحكم فيه ويستعبده، وهل يتحكم الزارع في النبات فيطلب من بذور الجرجير أن تنتج تفاحا، أو يأمر القمح بالنمو سريعا حتى يحصده بعد شهر، بينما هو يحتاج إلى شهور؟! كلا ولكنه يرعى نباته ويقف منه في نموه موقف المدافع عنه ضد كل ما يعوق سير هذا النمو المتصل. يلتقط الديدان ويحرقها، ويجلب السماد، ويمنح نباته الماء ولكن بمقدار، وفي ميعاده بالذات. وكذلك المربي سواء كان ولي أمر أم غيره، يجب ألا يصدر الأوامر إلى ابنه بأن يصبح طبيبا أو مهندسا، وألا يجبره على تعلم ما لا يريد، وأن لا يحرمه من تعلم ما يريد. وإنما يجب على المربي أن يقدم للمتعلم ما يطلبه بنفسه من زاد علمي، وأن يزيل من طريقه العقبات حتى يستمر في تعلمه وإشباع ميوله ورغباته. . وهذا يضطر المربي إلى التفكير فما يجب تقديمه للمتعلم، فيعمل هو الآخر ويشترك. . وتيسر عملية التعلم سيرها الطبيعي: نمو مشترك وعمل متواصل من جانب المتعلم والمعلم، وكما أن النمو هو دليل الحياة في النبات. فهو كذلك دليل على حياة المتعلم أيضا.
للكلام صلة
كمال السيد درويش
ليانسيه الآداب بامتياز - دبلوم معهد التربية العالي مدرس