ألا يحق لنا بعد توضيح هذا التماثل والتشابه بين الطريقتين الطبيعية والعلمية أن نقول إن الطريقة التي يتعلم بها الطفل أو الإنسان البدائي هي طريقة علمية أيضا؟!
لقد وضحنا مميزات الطريقة الطبيعية التي يتعلم بها الطفل داخل الأسرة، ولكننا لم نوضح بعد موقف ولي الأمر في الأسرة من الطفل خلال تعليمه، وكيف يكون؟ فإن ذلك بالنسبة لنا كمربين من الأهمية بمكان حتى نستنتج حدود رسالة المربي كما يجب أن تكون.
أما موقف الأم من ابنها فهو تمهيد السبيل أمامه حتى يستطيع السير فيها. تسدد محاولاته بإرشاده وتصحيح كلامه. تصحيح خطواته هو، وإرشاده إلى مواضع الخطأ في كلامه هو. هي لا تفرض عليه كلاما معينا أو السير وفق خطوات مرسومة. تصحح كلماته وجمله حتى تساعده على التعبير عما يجول بذهنه هو من رغبات وآراء قد تبدو مضحكة بالنسبة لنا ولكنها حيوية بالنسبة إليه. وتقف الأم نفس الموقف من طفلها حين يتعلم المش تحوطه بعنايتها وتقيه ما قد يتعرض له من أخطار. تترك له الحرية في المشي ولكن بعيدا عن أماكن السقوط. تأخذ أولا بيديه ثم بإحدى يديه، ثم تتركه ولكن وهي أقرب ما تكون إليه حتى إذا اختل توازنه استند إلى صدرها الحنون.
موقف الأم، هو موقف الممهد المعبد المذلل للعقبات، لا موقف المتحكم المسيطر المتربص للزلات.
هذا هو الموقف الذي يجب أن يقفه المربي ممن يتعلم على يديه. وقد شبه بعض العلماء تعهد المربي لتلميذه وهو يتعلم، كتعهد الزارع لنباته حين ينمو، وشبهوا نمو التعليم في هذه الحالة بنمو النبات. تنو الشجرة منذ أن كانت بذرة في باطن الأرض إلى أن تذبل وتموت. كذلك يجب أن يشبه التعليم النبات في نموه؛ فيستمر من المهد إلى اللحد، والنمو في النبات نمو تلقائي. تنمو الشجرة من تلقاء نفسها وبنفسها، ولا يستطيع الزارع إصدار الأوامر إليها بالنمو سريعا أو بطيئا، وكذلك يجب أن يكون نمو المتعلم تلقائيا أيضا.
ولا يترك النبات مع ذلك هكذا دون عناية؛ بل إن الزارع يحوطه بعنايته دائما ويلازمه خلال أطوار نموه، وهكذا يجب أن لا نترك المتعلم نفسه.
والنمو في النبات عملية مشتركة بين الزارع وبين النبات. . وكذلك يجب أن يكون التعليم