٧ - إن الناحية العملية تغلب على هذه الطريقة. فالطفل داخل الأسرة كالإنسان البدائي في الغابة وكالفلاح في الحقل يعتمد على الناحية العملية في تعلمه إلى حد كبير.
لقد تعلم الطفل النطق لينادي أمه وقد استجابت لندائه فانحلت المشكلة. . ولكن ماذا يفعل إذا ناداها فلم تلب النداء؟! هذه مشكلة جديدة تستدعي منه التفكير والعمل على حلها. قد يحاول الذهاب إليها بنفسه سعيا على أربع. . ولكن المشي أفضل لأنه أسرع فليتعلمه هو الآخر. وهو في كل هذه الأحوال يتعلم بطريقة عملية؛ يقع حينا ويسير حينا آخر. إن الطريقة الطبيعية ذات مظهر عملي يتجلى بوضوح في ممارسة المتعلم بنفسه لما يتعلمه.
٨ - إن هذه الطريقة تتمشى مع الطريقة السيكولوجية بمعنى أنها تستند إلى غرائز الإنسان. فنداء الطفل لأمه مصدره حافز غريزي هو البحث عن الطعام.
٩ - إن هناك تماثلا وتشابها بين هذه الطريقة وبين الطريقة العلمية الحديثة؛ تلك التي وصل إليها علماء العلوم التجريبية مثل علماء الطبيعة أو الكيمياء، والتي تعتبر في الحقيقة سر ازدهار وتقدمهذه العلوم بل وسيطرتها على توجيه دفة الحضارة الإنسانية في العالم بأسره. تلك الطريقة التي لا تؤمن إلا بالتجارب لأنها سبيل التأكد من صحة الفروض. ولو نظرنا إلى موقف الطفل أثناء تعلمه لوجدناه يشبه في طريقة تعلمه إلى حد كبير جدا عالم الطبيعة أو الكيمياء أثناء تجاربه داخل معمله. ينادي الطفل أمه فتستجيب إليه أحيانا ولكنها أحيانا لا تستجيب. عند ذلك يجرب طريقة أخرى غير النداء. . . يلجأ إلى الحبو ولكن الحبو بطئ. عند ذلك يلجأ إلى المشي. . وهكذا يستمر في تعلمه؛ يجرب هذه الطريقة ثم يتركها إلى غيرها وهكذا. وهو في أثناء تجريبه يحذف الخطأ فلا يتقيد به ويحتفظ بالصواب ويستمسك ما دام يحقق أغراضه في الحياة. وكذلك شأن العالم في معمله بين الغازات والمساحيق وبين الأواني والمخابير. يختبر خواص الأكسجين مثل فيعرف أنه يساعد على الاحتراق. قد يجرب اكتشاف صفات أخرى فإذا لم يجد احتفظ بهذه الصفة المتميزة. ولكن لا يقف عند تحقيق غرضه واكتشافه. . بل يتخذ من هذا الاكتشاف وسيلة إلى تحقيق أغراض أخرى وقد نجح فعلا في استخدام الأكسجين في عمليات اللحام وفي صهر المعادن. وما لنا نذهب بعيدا وقد كان تحطيم الذرة غرضا يتجه إليه العلماء فأصبح الآن وسيلة إلى استخدامها في التدمير كما تبذل الجهود الآن لاستخدامها كوسيلة من وسائل