مشكاة تعترض حياة المتعلم؛ مشكلة حقيقية قد اعترضته هو فعلا تدفعه إلى محاولة التغلب عليها. يشعر الإنسان إذا اعترضته المشكلة بحاجته الشديدة إلى من يعلمه كيف التغلب عليها. يسأل أولا ما هذا أو ذاك، وعند ذلك يبدأ المربي، وهو دور الرفيق الذي يوجه بما لديه من خبرة؛ ويساعد ويعين حيى يتغلب الإنسان على مشكلته، وينتهي عند ذلك بنجاح المتعلم في حل مشكلته، ولكن المشروع الأول الذي كان غرضنا في حد ذاته سرعان ما يصبح وسيلة إلى غرض جديد هو مشروع آخر حديث , وسنضرب لذلك مثلاً: (أراد طالب أن يكبت خطابا ردا على خطاب جاء إليه، ولم يكن هذا الطالب قد سبق أن كتب خطاب قط، ولذلك لجأ إلى مدرسة يستفتيها. ولو لاحظنا موقف الطالب في هذه الحال لوجدناه موقف المستيقظ المهتم بكل ما يقوله مدرسه. هذا هو الدرس الحقيقي الذي سيتعلمه فعلا في كيفية كتابة الخطابات. درس ثابت لن ينسى لأنه سيستعمل معلوماته في الحال في كتابة الخطاب، بل وسيتوسع في استخدام هذه القدرة الجديدة التي اكتسبها فيكتب إلى آخرين، ويراسل زملاءه في إنجلترا والباكستان، هلم جرا. .
ولكن هذا المثال السابق في الحقيقة لا يمثل مشكلة بالمعنى الحقيقي للمشكلة، كما تفهمه طريقة المشروع، ذلك لأن كتابة خطاب ليست ذات أهمية حيوية قصوى بالنسبة للتلميذ، وإنما هي صعوبة عارضة، وإنما تكون المشكلة مشكلة حقا كلما كانت تمس أمرا حيويا بالنسبة للإنسان، فدودة القطن بالنسبة للفلاح المصري، بل وللدولة، كلها مشكلة خطيرة، وهي التي تثير بمجرد ظهورها مختلف الجهود للقضاء عليها، وظهور الملاريا أو انتشار الكوليرا، أو هجوم الجراد، كلها مشكلات خطيرة يمكن أن تعتبر سلوك المجتمع في التغلب عليها مشروعا من المشروعات التي توصي بها طريقة المشروع. ولذلك لا تعترف طريقة المشروع بتعلمنا الحالي، ولا بنظمنا المدرسية المنطقية. ولا تعترف بالمناهج ولا الحصص، ولا بالفصل أو الجرس، ولا بالانتقال من سنة إلى أخرى، أي لا تعترف بالامتحان. ذلك لأنها طريقة تتمشى مع الميول النفسية للطفل، وتتدرج معه وتنمو بنموه. يسأل فتجيبه، ويتعلم فتساعده وتعينه. . . يتم ذلك كله أثناء سير المشروعات التي يقوم بها والتي يأخذ بعضها يراقب بعض. ولكي يكون المشروع مشروعا بمعنى الكلمة يجب أن يلاحظ في تطبيقه ما يأتي: -