هذا الهذيان المطلق الذي لا تربط بينه قافية واحدة ولا فكرة واحدة (إنما تربط تلك النغمة المناسبة. . نغمة الروح الحزين. . العابث. . المتطلع. . الأليف. . الوديع. . روح الفراشة البيضاء والعصفور الراقص المزقزق الصداح). . على حد قول الأستاذ. .
هذا العناء الذي يتكلفه الأستاذ الناقد. . فيريد الشعر بهذا الشكل المشوه الممسوخ. . لا رابط بين مقاطع القصيدة الواحدة. . ولا ولامح من قريب أو بعيد. . فهي أمشاج وتهاويل. . فمن الراح والأقداح إلى النواح وإلى حكمة الأقدار والنار ذات الوقود وإلى ما لا أدري من لغو منظوم لو تجرأ واحد وعرضه على مجلة مهمة كالرسالة مثلا لاتهموه بالجنون. . أقول هذا العناء الذي تكلفه الأستاذ لم يكن له من باعث سوى إظهار بعض الشعراء وفرضه على القراء بغير إنصاف. . وهكذا نرى أن نقادنا اليوم - للأسف - لا ينظرون إلى الشعر وإنما ينظرون إلى الشاعر فيحسبون لهذا ولذاك ألف ألف حساب. .
ثم عن تلك الخواطر المتنافرة والاهتياجات المتدفقة التي نظمها أبو الوفا يقول الأستاذ سيد قطب إنها (ظاهرة فنية) تلد بين الحين والحين وليس النقد الفني عندنا من النضج بحيث يتناولها بالتعهد والرعاية كما يكون لها كيانها الخاص فيما بعد. ولست أطلب من الأستاذ إلا أن يلقي نظرة على أي محاولة فاشلة يقدمها شاعر ناشئ في مطلع حيلته الأدبية والفكرية فسيجدها ولا شك (ظاهرة فنية) فريدة تستحق الإعجاب. .