ثم يلاحظ في هذه القصيدة أنها متماسكة المبنى والمعنى، مترابطة الأوصال، ذات وحدة فنية تشد القارئ إليها شداُ. . فليس فيها من التفسخ المعنوي والاضطراب الفكري والضعف البياني شئ وهذه قصيدة أخرى بعنوان (توبة). . بل هذه قصة الإنسان المخطئ حين يؤوب مثقلاُ بذنوبه إلى الله مستغفراُ. . .
يقدمها الشاعر ناظمها بهذه الكلمات (لا يفزع الإنسان إلى ربه إلا حين يخطئ فسبحانه ما أعجب خليقته. .). . ولننقل الأبيات الأخيرة منها اقتصاداُ للوقت. . .
أنوء بكل الخطايا التي ... تذوب نيرانه الجلمدا
فرحماك يا بارئ الخاطئين ... أتيت إليك خفوت الندا
ويا رب ها أنا ذا تائب ... ونفسي وروحي وقلبي الفدا
أجرر ذيل الذنوب الكبار ... وأسري وملء الطريق مدى
أصارع بالحب ما آدني ... وأدفع بالشعر ما نكدا
وأرنو إلى مقبل من بعيد ... وأكح عيني بومض الهدى
ولننتقل إلى مجال آخر. . فنستمع إلى شاعرنا بعد ضياع (فلسطين). . في أبيات من قصيدة طويلة. .
فلا تقرب الوادي فها هو موحش ... ولا تسأل الأحجار. . أخرسها الرعب
ولا تطلب ذكرى لعهد تفرقت ... أماسيه ما بين النوائب والنجب
نزلت على الوادي فلا الزهر يانع ... ولا حضر السمار. . والسمر العذب
بل الشمس قتماء وفي الأفق وحشة ... والبدر إطراق ودون المنى حجب
هي النائبات السود أظلم وجهها ... وكانت ذكاء لا يحس لها غرب
ففي جانب الوادي وفي منحنى الحمى ... نفوس تولتها المصائب. . والكرب
لحى الله خطباُ قد ألم فروعت ... مطالعه زغب الحواصل لم يحبوا
هذا وفي الديوان قصائد ممتازة لا وقت لدينا ولا لدى القارئ لاستماعها جميعاُ. . وعسى الله أن يهدي النقاد عندنا فيعملوا من أجل الشعر والأدب، لا من أجل الشعراء والأدباء
دهوك
سامي أمين