نموذج الشخصية موجوداُ (بالإمكان) ولم يقف الأستاذ المعداوي عند هذا الحد، إنما ذهب إلى تعريف الواقعية الأولى فقال:(هي نقل مباشر لصور الحياة وطبائع الأحياء، كما هي في الواقع المحس الذي تلمسه العين وتألفه النفس)، ولو وقف الأستاذ عند قوله:(إنها نقل مباشر لصور الحياة وطبائع الأحياء) لهان الخطب وما جعل ذلك النقل مقيداً (بما تلمسه العين وتألفه النفس)، كما أنه لو احترس الأستاذ في قوله وقال:(إنها نقل مباشر لصور الحياة وطبائع الأحياء كما هي في الواقع المحس الذي تلمسه عين الفنان وتألفه نفسه) بدلا من إطلاق (العين والنفس) التي تدعو إلى جعل الفن ضرباً من ضروب العبث، كما يجعل - هذا الإطلاق نفسه - الفنان والرجل العادي في كفه متساويه من حيث الإحساس، أقول لو قال الأستاذ (عين الفنان ونفسه) لسهل الأمر وما دعانا إلى الولوج في دهاليز الظلمة والجهل، وهو يقصد الإيضاح والإعلام)!
أرأيت إلى هذا الفهم العظيم الذي يذكرك بقصة السويد والسويس، والإسكندرية والإسطندرية، والنيل والدردنيل؟!
أرأيت إلى هذه اللغة الفينيقية التي لا يستخدمها غير (الأساتذة) الراسخين في العلم، المتضلعين من الفن، والمتمكنين من مناهج التفكير! لقد أتهمني الأديب العراقي بأنني أدعو إلى جعل الفن ضرباً من ضروب العبث، وأدفع بالقراء إلى دهاليز الظلمة والجهل بدلاً من دهاليز الإيضاح والإعلام!! ألا ترى أنه فهم عظيم. . على طريقة ذلك الزعيم الفهيم؟! لقد قلت عن (الواقعية الأولى) أنها نقل مباشر لصور الحياة وطبائع الأحياء، كما هي في الواقع المحس الذي تلمسه العين وتألفه النفس. . قلت هذا فتوهم الأديب العرفي أن كلمة (النقل المباشر) معناها (النقل الفوتوغرافي) كما نص على ذلك في موضع آخر من مقالة! وتخيل أن (العين) التي أقصدها هي عين بائع الفجل والبصل والخيار، وأن (النفس) التي أعنيها هي نفس بائع اللب والحمص والفول السوداني!! تصوروا يا قراء الرسالة كيف يدعو المعداوي إلى جعل الفن ضرباً من ضروب العبث، وكيف يدفع بالقراء إلى دهاليز الظلمة والجهل العميق؟! معذرة إذا تصورتم هذا كله مادام الفهم (العابث) الذي يتمتع به الأديب العراقي قد أظهرني أمامكم على هذه الصورة العزيزة المنال والفريدة المثال، ومعذرة مرة أخرى إذا ما كان في الأدباء مثل تلك النماذج العقلية التي تعيد علينا قصة